للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد كَتَبة الوحي (١)، ونفع الله به العباد وفتح الله به البلاد، وهو أحد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين أثنى عليهم، وحض على بيان فضلهم (٢) وعدم الطعن فيهم (٣) إلى غير ذلك، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي وهو الذي يمنع، هو الذي يعز وهو الذي يخفض، وهو الذي يرفع قال الله تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [آل عمران: ٢٦].

وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].

فكم من أناس تجد أن الفقر قد بلغ بهم الفاقة (٤) حتى ربما لصق أحدهم في التراب، وكم من أناس تجد عندهم الأموال الكثيرة الطائلة، وإذا بالأحوال تتحول فيصبح الفقير غنيًّا، ويصبح الغني فقيرًا، وهذا كله بإرادة الله سبحانه وتعالى.

والإنسان مهما بذل من الجهد، مهما أتعب نفسه وأذاب (٥) قلبه في أن يصل إلى أمر من أمور الدنيا فلن يصل إلا إلى ما كتبه الله له سبحانه وتعالى في بطن أمه، ويُكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:


(١) أخرج مسلم (٢٥٠١) عن ابن عباس، قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا نبي الله ثلاث أعطنيهن، قال: "نعم" قال: عندي أحسن العرب وأجمله، أم حبيبة بنت أبي سفيان، أزوجكها، قال: "نعم" قال: ومعاوية، تجعله كاتبًا بين يديك، قال: "نعم … " الحديث.
(٢) منها ما أخرجه الترمذي (٣٨٤٢) عن عبد الرحمن بن أبي عميرة، وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لمعاوية: "اللهم اجعله هاديًا مهديًّا واهد به". وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١٩٦٩).
(٣) منها ما أخرجه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤٠) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه".
(٤) الفاقة: الفقر. والحاجة. انظر: "الصحاح" للجوهري (٤/ ١٥٤٧).
(٥) أذاب فلان أمرهُ؛ (أي): أصلحه. انظر: "مجمل اللغة" لابن فارس (ص ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>