للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَطَبَ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَى خِطْبَةِ رَجُلٍ صَالِحٍ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ غَيْرَ صَالِحٍ وَالثَّانِي صَالِحٌ - جَازَ).

فإذا ركن إليها فلا يجوز لك أن تتقدم، وإن رُدَّ فلك أن تتقدم كغيرك ولا لوم عليك ولا إثم (١)، وإن وُجد تعريض فبعض العلماء يلحقه بالأول، فيقال في هذه: رب إشارة أبلغ من عبارة، لا رغبة لي عنك، معنى هذا أن فيه إشارة إلى الرغبة، وفي قصة جرير وعمر وغيرهما لما خطب امرأة، فالمرأة عرَّضت لعمر - رضي الله عنه -، ثم بعد ذلك تزوجت، وفي رواية أنها تزوجت جريرًا (٢).

قوله: (وَأَمَّا الْوَقْتُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ فَهُوَ إِذَا رَكَنَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ لَا فِي أَوَّلِ الْخِطْبَةِ).

وهذا هو الصحيح، فإذا ركن بعضهم إلى بعض حصل الإجابة،


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ١٤٣)؛ حيث قال: "ولا يخلو حال المخطوبة من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تسكن إلى الخاطب لها، فتجيبه، أو تأذن لوليها في إجابته أو تزويجه، فهذه يحرم على غير خاطبها خطبتها، ولأن في ذلك إفسادًا على الخاطب الأول، وإيقاعًا للعداوة بين الناس، ولا نعلم في هذا خلافًا بين أهل العلم، إلا أن قومًا حملوا النهي على الكراهة، والظاهر أولى.
القسم الثاني: أن ترده أو لا تركن إليه. فهذه يجوز خطبتها.
القسم الثالث: أن يوجد من المرأة ما يدل على الرضا والسكون، تعريضًا لا تصريحًا، كقولها: ما أنت إلا رضا، وما عنك رغبة".
(٢) ذكرها ابن عبد البر في "التمهيد" (١٩/ ١٨٥): أن ابن وهب روى بإسناده عن الحارث بن سعد بن أبي ذباب: "أن عمر بن الخطاب خطب امرأة على جرير بن عبد الله، وعلى مروان بن الحكم، وعلى عبد الله بن عمر، فدخل على المرأة وهي جالسة في بيتها، فقال عمر: إن جرير بن عبد الله يخطب وهو سيد أهل المشرق، ومروان يخطب وهو سيد شباب قريش، وعبد الله بن عمر يخطب وهو من قد علمتم، وعمر بن الخطاب، فكشفت المرأة الستر فقالت: أجادٌّ أمير المؤمنين؟ فقال: نعم. فقالت: فقد أنكحت أمير المؤمنين، فأنكحوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>