للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا") (١).

المراد بالأيم (٢) هنا: هي الثيب التي وطئت، فهذه لا بد من استئذانها، إذا أراد وليها أن يُزَوَّجها لا بد أن يعرض عليها ذلك الأمر، فلا يكفي أن تسكت بل لا بد أن تقول: نعم أو لا؛ لأنها جربت الرجال وانتقلت إلى بيت الزوجية؛ فهي تختلف عن البكر التي لا يزال الحياء يسيطر عليها، والبكر تُستأمر؛ وقد ورد في بعض الأحاديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد تزويج إحدى بناته جلس عند خدرها (٣)، ثم


= مذهب الشافعية، يُنظر: "النجم الوهاج" للدميري (٧/ ٧٠ - ٧١)؛ حيث قال: " (وللأب تزويج البكر صغيرة وكبيرة بغير إذنها) … (والبكر يزوجها أبوها) … (بغير إذنها) راجع إلى الكبيرة؛ فإن الصغيرة لا إذن لها، وقد يعود إليهما معًا؛ لما نقل عن الإمام أحمد: أن المميزة تستأذن … (ويستحب استئذانها)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والبكر تستأمر وإذنها صماتها" وأوجبه أبو حنيفة؛ لظاهر الأمر".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٦٣٤ - ٦٣٥)؛ حيث قال: " (ويجبر أب ثيبًا دون ذلك)؛ أي: تسع سنين لأنه إذن لها معتبر (و) يجبر أب (بكرًا ولو) كانت (مكلفة) لحديث ابن عباس مرفوعًا: "الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها صماتها". رواه أبو داود. فقسم النساء قسمين وأثبت الحق لأحدهما فدل على نفيه عن الآخر وهي البكر فيكون وليها أحق منها بها، ودل الحديث على أن الاستئمار هنا والاستئذان في الحديث السابق مستحب غير واجب (ويسن استئذانها)؛ أي: البكر إذا تم لها تسع سنين لما سبق".
(١) أخرجه مسلم (١٤٢١) عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها".
(٢) الأيم: - بفتح الهمزة وكسر الياء المشددة في الاسم وفتحها مشددة في الفعل -: وهي التي لا زوج لها، بكرًا كانت أو ثيبًا، مطلقة كانت أو متوفى عنها. انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٥٥)، و"النهاية" لابن الأثير (١/ ٨٥).
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (١/ ١٨٦) عن المهاجر بن عكرمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرق بين امرأة بكر وزوجها؛ أنكحها أبوها بغير إذنها. قال: وحدثت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينكح امرأة من بناته جلس عند خدرها، فقال: "إن فلانًا يذكر فلانة".

<<  <  ج: ص:  >  >>