للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهر (١)؛ يعني: أن يُسمى المهر، وتعليلهم: أن المهر إنما هو ثمن لهذا الزواج فأصبح مشبهًا للبيع والهبة التي يتبادلها الناس من هذه الناحية.

والعلماء قد اختلفوا في هذه المسألة:

* فالشافعية والحنابلة يقولون: نحن نقف عند كتاب الله - عز وجل -، وعندما نقلب صفحات القرآن لا نجد فيه إلا ذكر لفظ الزواج أو الإنكاح، ولم يوجد لفظ غير ذلك، الله سبحانه وتعالى يقول: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: ٣٧]، فهذا هو لفظ التزويج؛ أي: الزواج.

وأما النكاح فورد كثيرًا في الكتاب العزيز كما في قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠].

وقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢].

وقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} [النور: ٣٢]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.

إذن فهؤلاء الأئمة يقولون: الذي ورد في لفظ القرآن العزيز هما لفظان: لفظ النكاح ولفظ الزواج فنقتصر عليهما.

* وأما الحنفية (٢) والمالكية: يستدلون بقصة الرجل الذي جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطلب أن يزوجه امرأة فسأله: "أمعك شيء؟ " قال: لا، قال: "التمس لو خاتمًا من حديد" قال: لا، فسأله: "ما معك من القرآن؟ "


(١) يُنظر: "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب" لخليل (٣/ ٥٠٦)؛ حيث قال: "ومذهب "المدونة" أنه لا ينعقد بلفظ الهبة إلا بتسمية الصداق".
(٢) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢/ ٩٧)؛ حيث قال: "ولنا قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا} وقوله - عليه الصلاة والسلام -: "ملكتكها بما معك من القرآن" وردا في النكاح، ولا يقال: الانعقاد بلفظ الهبة خاص به - عليه الصلاة والسلام - بدليل قوله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ} لأنا نقول: الاختصاص والخلوص في سقوط المهر بدليل أنها مقابلة بمن آتى مهرها في قوله: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} ".

<<  <  ج: ص:  >  >>