للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر له شيئًا، فقال: "مَلَّكْتُكَها بما معك من القرآن" (١)، الشاهد: "مَلَّكْتُكَها"، فقالوا: ورد لفظ التمليك، فدل ذلك على أنه يجوز لفظ التمليك.

ثم قالوا: ولأن لفظ الهبة أيضًا تبت في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما ثبت في حقه يثبت في حق أمته، كما في قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠].

فرد الشافعية والحنابلة على ذلك وقالوا: هذا دليل على تخصيص الرسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك الأمر (٢)، وبهذا تبيَّن أن الأولى هو الوقوف عند ألفاظ الكتاب العزيز، وأما الحديث الذي تمسكوا به، وهو حديث: "مَلَّكْتُكَها" فإنه جاء بألفاظ صحيحة: "زوجتكها" (٣)، "أنكحتها" (٤)، "زوجناكها" (٥).

قوله: (وَاخْتَلَفوا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ أَوْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ بِلَفْظِ


(١) أخرجه البخاري (٥٠٣٠) واللفظ له، ومسلم (١٤٢٥) عن سهل بن سعد: أن امرأة جاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصعَّد النظر إليها وصوَّبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئًا جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: "هل عندك من شيء؟ " فقال: لا والله يا رسول الله … فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن؟ " قال: معي سورة كذا وسورة كذا وسورة كذا - عدها - قال: "أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟ " قال: نعم، قال: "اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن".
(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ١٥٣)؛ حيث قال: "فجعل الله تعالى النكاح بلفظ الهبة خالصًا لرسوله دون أمته، فإن قيل: فالآية تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يجعلها الله له خالصة من دون المؤمنين، وليس في الآية أمر من الله تعالى، ولا إذن فيه، فلم يكن في مجرد الطلب دليل على الإباحة".
(٣) أخرجه البخاري (٥٠٢٩) وفيه قال: "فقد زوجتكها بما معك من القرآن".
(٤) أخرجه البخاري وفيه قال: "اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن".
(٥) أخرجه البخاري (٢٣١٠) وفيه قال: "قد زوجناكها بما معك من القرآن".

<<  <  ج: ص:  >  >>