للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحافظةٌ عليه من الوقوع في المحظور، لكن ربما يكون الزواج ليس في مصلحته فهل لسيده أن يجبره؟

المسألة الثانية: المحجور عليه وهو: السفيه: والسفيه يُحجَر عليه في ماله، يُحجر عليه في بعض تصرفاته، والسفيه: الذي بلغ سن الرشد، لكنه لا يزال سفيهًا في تصرفاته يُبذِّر أمواله، ولا يُحسن التصرف، ولا يُحسن المعاملة إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة، فهل يُجبر المحجور على الزواج أم لا؟

قولهء: (فَقَالَ مَالِكٌ: يُجْبِرُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ عَلَى النِّكَاحِ (١)، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُجْبِرُهُ (٣)).

هذه المسألة نفس الخلاف فيها كالخلاف في الأولى في لفظ الزواج، فمالك وأبو حنيفة متفقان، وكثيرًا ما نجد تقاربًا بين مذهب الحنفية والمالكية في أبواب النكاح:


(١) ينظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و (حاشية الدسوقي) (٢/ ٢٢١)؛ حيث قال: " (وجبر المالك) المسلم الحر، ولو أنثى ووكلت (أمة وعبدًا) له (بلا إضرار) عليهما فيه فإن كان فيه إضرار كتزويجهما من ذي عاهة لم يجز له الجبر ولهما الفسخ، ولو طال الزمن (لا عكسه)؛ فلا يجبر العبد أو الأمة السيد على أن يزوجهما، ولو حصل لهما الضرر بعدمه (ولا) يجبر (مالك بعض) لرقيق ذكر أو أنثى ذلك الرقيق والبعض الآخر إما حر أو ملك غيره".
(٢) يُنظر: "التجريد" للقدوري (٩/ ٤٥٠٥)؛ حيث قال: "قال أصحابنا: يجوز للمولى إجبار عبده على النكاح، وروي عن أبي حنيفة".
(٣) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٣/ ١٤٦)؛ حيث قال: " (السيد لا يجبر عبده ولو صغيرًا على النكاح)؛ لأنه يلزم ذمته عهدة المهر وغيره، ولأن العبد يملك رفعه بالطلاق، ويفارق الأمة بأنه لا يملك منفعة بضعه والأمة يملك منفعة بضعها فيورد العقد على ما يملكه، وبأنه ينتفع بنكاحها باكتساب المهر والنفقة بخلافه في العبد، ويفارق العبدُ الصغيرُ الابنَ الصغيرَ بأن ولاية الأب التي يزوج بها ابنه الصغير تنقطع ببلوغه بخلاف ولاية السيد لا تنقطع ببلوغ عبده، فإذا لم يزوجه بها بعد بلوغه مع بقائها فكذا قبله كالثيب العاقلة (ولا يلزمه إجابة العبد إليه)؛ أي: إلى نكاحه (ولو مكاتبًا) أو مبعضًا؛ لأنه يشوش عليه مقاصد الملك وفوائده وينقص القيمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>