دليل على أن له أن يُلزمه على النكاح، أي: يجبره عليه، قالوا: ولأن له أن يُؤجِّر بدنه؛ أي: يملك تأجير بدنه فكذلك له أن يُزوِّجهُ كالأمة، وقاسوا على الأمة؛ لأن الأمة للسيد أن يُلزمها، لا خلاف فيها، فالعلماء متفقون، لكنهم مختلفون في الذكر من العبيد فهذا دليلٌ نقلي وعقلي.
الدليل العقلي الأول: للشافعية والحنابلة قالوا: المملوك يملك إنهاء الزواج فيُسلِّم لهم الحنفية والمالكية بذلك، يقولون: فإذن من ملك إنهاء الزواج ملك ابتداءه؛ يعني: فإذن أجبره سيده أليس له أن يُطلِّق؟ يقولون: نعم، فليس للسيد أن يجبره.
الدليل العقلي الثاني: قالوا: إن الزواج هو خالص حقه، هو الذي سيتمتع بالزوجة، وهو الذي يستفيد منها، وهي التي ستقوم بخدمته، واستفادة السيد إنما هي تبع لكن الأصل أن الذي سيستفيد باستفادة كاملة المملوك، فقالوا: هذا هو خالص حقه، وما دام هذا خالص حقه فليس للسيد أن يجبره قياسًا على الحر، فكما أن الحر الكبير العاقل لا يجبر كذلك أيضًا المملوك لا يجبر، وأجابوا عن الآية في قوله تعالى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ}[النور: ٣٢]، قالوا: ليس في الآية ما يدل على الوجوب؛ وإنما ذلك مقيد بالطلب؛ أي: إذا طلب هؤلاء الزواج وبخاصة بالنسبة للأيم إذا طلبوا ذلك، قالوا: والله تعالى عطف العبيد والإماء على الأيامى، فقال تعالى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}.
فدلَّ ذلك على أنه لا يُجبر، فينبغي ألا يُجبر على هذا الأمر؛ لأن هذا فعلًا هو حقه الخالص، وربما لو أُجبر على ذلك الأمر فسيطلق وفي النهاية الذي يخسر السيد؛ لأنه هو الذي سيقوم بمئونة الزواج، وهو المسؤول عن تزويجه، والزواج دائمًا يقوم على الحكمة، وهذه الشريعة بنيت على التيسير وعدم التشديد، وذلك ينبغي أن يُستأذن في ذلك وأن يؤخذ رأيه، والأولى هو مذهب الشافعية والحنابلة في هذه المسألة كالمسألة الأولى.