للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ (١) مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ؛ أَعْنِي: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهَا مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ لَا مِنْ شُرُوطِ التَّمَامِ، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ آيَةٌ وَلَا سُنَّةٌ هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي اشْتِرَاطِ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ نَصٌّ بَلِ الْآيَاتُ وَالسُّنَنُ الَّتِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِالاحْتِجَاجِ بِهَا عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُهَا هِيَ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ، وَكَذَلِكَ الْآيَاتُ وَالسُّنَنُ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ يَشْتَرِطُ إِسْقَاطَهَا هِيَ أَيْضًا مُحْتَمَلَةٌ فِي ذَلِكَ، وَالْأَحَادِيثُ مَعَ كوْنِهَا مُحْتَمَلَةً فِي أَلْفَاظِهَا مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهَا إِلَّا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ) (٢).

الحقيقة لم تأت آية قاطعة يُستدل بها على هذا الذي ذكره المؤلف، وإنما الاستدلال بالآيات عن طريق المفهوم، بلاليل أن الحنفية والجمهور (٣) يستدلون بقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢]، فالجمهور يرون: أن الخطاب للأولياء، والحنفية: يجعلون هذا من أقوى الأدلة على مذهبهم؛ لأنه أضاف النكاح إليهن، لكن جاء في الحديث: "لا نكاح إلا بولي" (٤)، والذين قدحوا فيه قالوا: إنه من رواية الزهري وهو في


(١) يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة" للقاضي عبد الوهاب (٧٢٧)؛ حيث قال: "الولي شرط في صحة عقد النكاح، فلا يجوز لامرأة أن تزوج نفسها ولا غيرها".
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٨٨٠)، وعن عكرمة، عن ابن عباس، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٥٨).
(٣) يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ٧٣)؛ حيث قال: "وهذه الآية نزلت في معقل بن يسار إذ عضل أخته عن مراجعة زوجها، قاله البخاري. ولو أن له حقًّا في الإنكاح ما نهي عن العضل. قلت: ومما يدل على هذا أيضًا من الكتاب قوله: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ}، وقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} فلم يخاطب تعالى بالنكاح غير الرجال، ولو كان إلى النساء لذكرهن".
(٤) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>