للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}، هذا خطاب على قول الجمهور من الله للأولياء، فلو لم يكن لهم الحق وكامل الولاية في تزويج منهن لما نهوا عن العضل؛ فلما نهوا عن عضلهن دل ذلك على أن الأمر منوط بهم هذا هو وجه الدلالة، أما الحنفية استدلوا بدليلين الأول قالوا: الله تعالى أضاف النكاح إليهن وهذا دليل على أنه خاص بهن، وأنهن هن الآتي يعقدن النكاح.

الدليل الثاني قالوا: والله تعالى نهى عن منعهن من ذلك هذا تأويل الحنفية، هذا نهي للأولياء أن يمنعوا النساء من التمتع بحقهن أن يعقدن العقد بأنفسهن.

وهنالك دليل ثالث قالوا: النكاح هو خالص حق المرأة وهي التي ستستفيد به، وهي التي ستتمتع بالنكاح فهي أولى به ما دام يخصها أن تعقد لنفسها، أليس من حقها أن تبيع وتشتري في ملكها، فهذا مراد المؤلف، وبهذا يتبين لنا أن الاستدلال بالآيات ليست صريحة الدلالة، وكلام الجمهور والاستدلال بالحديث أوضح وهو: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" (١).

قوله: (وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: ٢٢١] قَالُوا (٢): وَهَذَا خِطَابٌ لِلْأَوْليَاءِ أَيْضًا، وَمِنْ أَشْهَرِ مَا احْتَجَّ بِهِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ٧٢)؛ حيث قال: "في هذه الآية دليل بالنص على أن لا نكاح إلا بولي، قال محمد بن على ابن الحسين: النكاح بولي في كتاب الله، ثم قرأ: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} ".

<<  <  ج: ص:  >  >>