للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٤]. قَالُوا: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِهَا فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهَا. قَالُوا: وَقَدْ أَضَافَ إِلَيْهِنَّ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ مِنَ الْكِتَابِ الْفِعْلَ، فَقَالَ: {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢]، وَقَالَ تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]).

الآية التي ذكرت هي من أقوى الأدلة عند الحنفية، وبعض العلماء يقتصر عليها.

قوله: (وَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ فَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صِمَاتُهَا" (١)).

المتفق على صحته إن كان يريد أنه صحيح باتفاق، ولكن إن كان المراد المتفق على صحته أنه في الصحيحين فهذا الحديث رواه الجماعة إلا البخاري، "الأيم أحق بنفسها" فسَّرته الرواية الأخرى: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر" (٢)، فالقصد أنها أحق بنفسها أنه يؤخذ رأيها، فإن أكرهت وهي ثيب فيفسخ النكاح في هذه الحالة (٣)، وليس الحديث فيه دلالة على أنها هي التي تعقد لنفسها.


(١) أخرجه مسلم (١٤٢١).
(٢) أخرجها البخاري (٥١٣٦) عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن" قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت".
(٣) يُنظر: "شرح النووي على مسلم" (٩/ ٢٠٣ - ٢٠٤)؛ حيث قال: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحق بنفسها" يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق من وليها في كل شيء من عقد وغيره كما قاله أبو حنيفة وداود ويحتمل أنها أحق بالرضا؛ أي: لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر ولكن لما صح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي" … تعين الاحتمال الثاني، واعلم أن لفظة أحق هنا للمشاركة معناه أن لها في نفسها في النكاح حقًّا ولوليها حقًّا، وحقها أوكد من حقه فإنه لو أراد تزويجها كفؤًا وامتنعت لم تجبر ولو =

<<  <  ج: ص:  >  >>