للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأربعة يعتبرون الوكالة، لكنهم يختلفون في تفصيلها، هل تكون مقيدة أم تكون مطلقة، أي: للإنسان أن يُوَكِّلَ غيره في تزويج ابنته أو أخته فهذه وكالةً مطلقة، أو يقول: زوِّجها فلانًا، فهذه نسميها وكالةً مقيدة، وله أن يقول له: زوجها من تشاء، أو زوجها كفئًا، فبذلك يكون أطلق، ولا شك أن ذلك جائز، وقد جاء في قصة ذلك: "الأعرابي الذي جاء إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقدَّم إليه ابنته وقال: زوجها كفئًا إذا جاءك، فما كان من عمر - رضي الله عنه - وهو الحصيف فاختار لها رجلًا نعم الكفاءة وهو عثمان بن عفان - رضي الله عنه - " (١).

فالذين يتكلمون في الوكالة يقولون: هل الوكيل تكون عنده الشفقة كالولاية أصلًا كالولي؟

والجواب: الأصل أن الإنسان لا يختار إلا وكيلًا يتحين فيه الخير، والصلاح والتقى، والورع، فبذلك يكون أهلًا لهذه الوكالة، وبهذا يتبين أن الوكالة في النكاح جائزة، وأنها تجوز على الصحيح إطلاقًا وتقييدًا.

قوله: (وَلِهَذَا السَّبَبِ بِعَيْنِهِ اخْتَلَفُوا فِي الْوَكالَةِ فِي النِّكَاحِ، لَكِنَّ الْجُمْهُورَ (٢) عَلَى جَوَازِهَا إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ (٣)، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْإِيصَاءِ؛ لِأنَّ الْوَصِيَّ وَكيلٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْوَكَالَةَ تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ).


(١) لم أقف عليها.
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٨/ ٨٣)؛ حيث قال: "وإذا وكل رجل رجلًا أن يزوجه امرأة بعينها فزوجها إياه فهو جائز".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٥٢٠)؛ حيث قال: "والوكالة في النكاح جائزة إذا ذكر امرأة بعينها وسمى صداقًا".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ١١٣)؛ حيث قال: "فإذا تقرر جواز الوكالة في النكاح جاز أن يوكل الولي والزوج".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٨٢)؛ حيث قال: "الصحيح من المذهب: جواز الوكالة في النكاح".
(٣) لم أقف عليه، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (٣/ ١٥٢): " … في رواية مالك لهذا الحديث دليل على جواز الوكالة في النكاح، وهو أمر لا أعلم فيه خلافًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>