للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُعتَدُّ بهم، لكن لا شك أن الأب عنده من الشفقة ومن الرحمة ومن المودة ومن الحرص على سعادة أبنائه بحيث إنه يتمنى أن يكونوا في أحسن حالًا منه، إذن هناك صفاتٌ أيضًا توجد في الأب لا توجد لغيره.

بهذه الأسس والقواعد التي ذكرنا نميل إلى مذهب جمهور العلماء الذين قالوا: يُقَدَّمُ الأب أولًا.

أما عند الإمام مالك: الأبناء أولًا ثم الآباء؛ لأنه لحظ جهة القرابة، وجهة التعصيب وجهة الميراث.

لكن الجمهور: لاحظوا جهات ومعاني أخرى، وهذه الناحية هي أولى أن تراعى في جانب الولايةِ في النكاح، فليست القضية قضية أن يرث هذا أكثر وأن يكون التعصيب أكثر، ولكن ينظر إلى من هو أكثر شفقة وأولى بأن يتولى ومن هو الذي له القوامة الكبرى على المرأة هو أبوها، ولذلك ترون أن له أن يجبرها وليس ذلك لغيره.

إذن مالكٌ عنده يُقَدَّمُ الأبناء، وإن نَزَلوا، ثم الآباء وإن علوا، يعني الجد فأعلى للأب، ثم بعد ذلك الأخوة فأبناؤهم فالأعمام فأبناؤهم وهكذا.

وعند غيره وبخاصة عند الشافعية والحنابلة: يُقَدَّمُ الأب أولًا، ثم بعد ذلك يختلف الشافعية والحنابلة، فعند الشافعية يُقَدَّمُ الجد (١)، وعند الحنابلة في المشهور يُقَدَّمُ الابن (٢)، فبهذه يتفقون مع المالكية، والمالكية لهم رأيٌ وجيه اتفقوا فيه مع الشافعية والحنابلة في تقديم الأب وهو الذي استحسنه المؤلف.


(١) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٥/ ٤٠٥)؛ حيث قال: "ويقدم من القرابة الأب، ثم أبوه، ثم أبوه، إلى حيث ينتهي".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ١٦)؛ حيث قال: "الولاية بعد من ذكرنا تترتب على ترتيب الإرث بالتعصيب، فأحقهم بالميراث أحقهم بالولاية، فأولاهم بعد الآباء بنو المرأة، ثم بنوهم وإن سفلوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>