للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لماذا الشافعية خالفوا في تقديم الابن؟

والجواب: لأن الشافعية لا يرون أن الابن يتولى العقد أصلًا إلا أن يكون ابن عم، يعني: من أبناء عمها، أو أن يكون حاكمًا أو سلطانًا، ففي هذه الحالة له أن يُزوِّجها، فهو يُزوِّجها من حيث إنه ابن عمٍ لها، لا إنه ابن، ومن حيث إنه سلطان لو كان سلطانًا.

ولكن ناقشهم غيرهم وقالوا: ما الفرق؟ أنتم تقولون لا يُزوج الابن؛ لأنه يلحقه عارٌ ومذلةٌ في تزويج أمه؛ ولأن نفس الابن لا تطمئن أن يُزوِّج أمه فيدخل عليها رجلًا غريبًا، لا ترتاح نفسه وإن كان ذلك أمرًا أحله الله، لكن طبيعته ومروءته تأبى ذلك، هذا عند الشافعية (١)، وغيرهم يناقشهم يقول أبدًا هذا غير وارد؛ لأن هذا هو شرع الله، وشرع الله ينبغي أن ننزل عنده، ثم ما الفرق فيما لو كان سلطانًا؟ أو كان حاكمًا أو ابن عم؟ هو نفسه ابنها، فلم يختلف الوضع، فما ذكرتم من العلل لو قُدِّر وجوده يلحقه في الصفات الأخرى، هم يقولون: في هذه الناحية لا يدلي بأنه ابن وإنما يدلي بأنه ابن عم أو حاكم أو سلطان، فالأولى أن يُقَدَّمُ الأب ثم الابن، وهكذا، ويختلفون بعد ذلك في الجد فمنهم الحنابلة مثلًا عندهم: بعد الابن يُقدم الجد وفي روايةٍ يُقدم الأخ، وفي رواية يتساوون معًا، ولذلك نجد أن الحنابلة لهم في الجد أربع روايات (٢):


(١) قال زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (٣/ ١٢٩): " (إلا أن الابن لا يزوج) أمه (بالبنوة)؛ إذ لا مشاركة بينه وبينها في النسب فلا يعتني بدفع العار عن النسب؛ ولهذا لم تثبت الولاية للأخ من الأم (بل) يزوج (بالعصوبة أو بالولاء أو بالقضاء) ولا يضر البنوة؛ لأنها غير مقتضية لا مانعة".
(٢) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٦٩)؛ حيث قال: "وأحق الناس بنكاح المرأة الحرة: أبوها. ثم أبوه وإن علا. ثم ابنها. ثم ابنه، وإن سفل. هذا المذهب. وعليه الأصحاب. وعنه: يقدم الابن وابنه على الأب والجد. ذكره ابن المنى في "تعليقه". وأخذه أبو الخطاب في "انتصاره" من قول الإمام أحمد رحمه الله في رواية حنبل العصبة فيه: من أحرز المال. وخرجه الشيخ تقي الدين رحمه الله من رواية تقديم الأخ على الجد؛ لاشتراكهما في المعنى. وعنه: يقدم الابن على الجد. اختاره ابن أبي موسى، والشيرازي. قال في "الفروع": وعنه عليها تقديم الأخ على الجد. وعنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>