للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكَاحِ؛ إِمَّا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ، وَإِمَّا لِمَا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ عَدَمِ الصَّوْنِ، وَإِمَّا لِلْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، فَاتَّفَقَ الْمَذْهَبُ (١) عَلَى أنه إِذَا كَانَتِ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً، أو كَانَ الأب مَجْهُولَ الْوَضْعِ أو أَسِيرًا، وَكَانَتْ فِي صَوْنٍ وَتَحْتَ نَفَقَةٍ: أَنَّهَا إِنْ لَمْ تَدْعُ إلى التَّزْوِيجِ لَا تُزَوَّجَ، وَإِنْ دَعَتْ فَتُزَوَّجُ عِنْدَ الْأَسْرِ وَعِنْدَ الْجَهْلِ بِمَكَانِهِ).

هذه الخلافات موجودة في المذاهب كلها، وهذا قريبٌ من مذهب الحنابلة تمامًا، وفي مذهب المالكية هنا في التعريف قريبٌ منه، وقد ذكرناه.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا هَلْ تُزَوَّجُ مَعَ الْعِلْمِ بِمَكَانِهِ؟ أَمْ لَا؟ إِذَا كَانَ بَعِيدًا، فَقِيلَ: تُزَوَّج، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٌ. وَقِيلَ: لَا تُزَوَّج، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَابْنِ وَهْبٍ (٢). وَأَمَّا إن عُدِمَتِ النَّفَقَةَ، أو كَانَتْ فِي غَيْرِ صَوْنٍ - فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ أيضًا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلاثَةِ).

فإذا كانت لا توجد نفقة يُنفق عليها؛ إذن فيلحقها ضرر، أو كانت في مكان غير مصون بأن تكون تقيم في بيتٍ ليس هناك مَن يحميها ويُخشى عليها من الاعتداء فأصبحت المصلحة تقتضي أن يُزوِّجها الأبعد.

قوله: (أَعْنِي: فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ، وَفِي الْأَسْرِ، وَالْجَهْلِ بِمَكَانِهِ.


(١) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٣/ ٤٣٥)؛ حيث قال: "إن كان الأب أسيرًا أو فقيدًا فلا خلاف أن الإمام يزوجها إذا دعته إلى ذلك ولو كانت في نفقته وأمنت عليها الضيعة".
(٢) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٤٣٨)؛ حيث قال: "إذا غاب الأب غيبة انقطاع فإن كانت حياته معلومة ومكانه معروفًا إلا أن استئذانه يتعذر وهي بالغة فاختلف في جواز نكاحها: فقال مالك: يزوجها الإمام إن رفعت إليه. وقال عبد الملك: لا يجوز إنكاحها في حياة الأب بوجه. وقال ابن وهب: إن قطع. عنها النفقة جاز إنكاحها برضاها وإن أكرهها لم يجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>