للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ إِنِ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ، فَإِذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ صَوْنٍ تُزَوَّج، وَإِنْ لَمْ تَدْعُ إلى ذَلِكَ. وَلَمْ يَخْتَلِفُوا (١) - فِيمَا أَحْسَبُ - أَنَّهَا لَا تُزَوَّجُ فِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ الْمَعْلُومَةِ؛ لِمَكَانِ إِمْكَانِ مُخَاطَبَتِهِ).

في هذه المسألة هذا مذهب مالك ومعه أيضًا جمهور العلماء (٢).

قوله: (وَلَيْسَ يَبْعُدُ بِحَسَبِ النَّظَرِ الْمَصْلَحِيِّ الَّذِي انْبَنَى عَلَيْهِ هَذَا النَّظَرُ أن يُقَالَ).

النظر المصلحي الذي أشرنا إليه (٣).

قوله: (إِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَشِيَ السُّلْطَانُ عَلَيْهَا الْفَسَادَ زُوِّجَتْ وَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ قَرِيبًا، وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ تَجُوزُ وِلَايَةُ الْأَبْعَدِ مَعَ حُضُورِ الْأَقْرَبِ؛ فَإِنْ جَعَلَتِ امْرَأَةٌ أَمْرَهَا إلى وَليَّيْنِ، فَزَوَّجَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أن يَكُونَ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَقْدِ عَلَى الْآخَرِ).

يعني: لو أن امرأة جعلت أمرها إلى وليين فزوَّجها كل واحد منهما وكل منهما مستحق أن يعقد لها، فهذا لا يخلو من أمرين:

الأمر الأول: لو كان هناك الولي الأقرب والأبعد فالولي الأقرب هو الذي له الحق.


(١) يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (٤/ ٢٤٦)؛ حيث قال: "إذا كانت غيبة الأب عشرة أيام ونحوها فلا خلاف في المنع فإن زوجت فسخ".
(٢) تقدَّم تقييد الجميع بالغيبة التي تجيز انتقال الولاية من الأقرب إلى الأبعد بالغيبة المنقطعة.
(٣) جعل القاضي عياض أحد الاعتبارات المرجحة لمذهب مالك هو النظر المصلحي القائم على مقاصد الشريعة وقواعده.
قال القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (١/ ٩٢): "الاعتبار الثالث: يحتاج إلى تأمل شديد، وقلب سليم من التعصب شهيد، وهو الالتفاف إلى قواعد الشريعة ومجامعها، وفهم الحكمة المقصودة بها من شارعها".

<<  <  ج: ص:  >  >>