للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنك على باطل؟ ولذلك قال الرسول: "فأقضي على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا، فإنما أقطع له قطعةً من نار، فليأخذها أو فليدعها" (١)، فإن كنت أخذتها فستوقد بها في نار جهنم، وإن تركتها وعدلت إلى الحق، فالرجوع إلى الحق خيرٌ وفضيلة.

ولذلك عندما كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الخليفة الملهم، كتابه العظيم الذي أرسله إلى أبي موسى الأشعري، الذي رسم له المنهج السوي والطريق الأمثل فيما يحكم به القاضي، كان يقول له: "فإن قضيت في أمر فتبين لك أن الحق في غيره، فارجع إليه؛ فإن الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل" (٢)، وحثه على عدة أمور.

وابن القيم قد شرح هذا الكتاب الذي أرسله عمر وبيَّن ما فيه من الفوائد والعظات، وهو مرجعٌ للقضاة الذين يحكمون في هذه الأحكام (٣).

قوله: (وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ هَذَا الاتِّفَاقِ فِيمَا هِيَ الْكَفَاءَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي ذَلِكَ، وَهَلْ صَدَاقُ الْمِثْلِ مِنْهَا؟ أَمْ لَا؟).

في الحقيقة أنَّ صداق المثل ليس منها، لأن الصداق يخص المرأة.

فمثلًا: المرأة إذا ظهر في زوجها عيب فهي مخيرة، فإن رضيت به فينتهي الأمر، لكن إذا أخفي عنها هذا العيب كأن كان الزوج عِنِّينًا (٤)


(١) أخرجه البخاري (٢٦٨٠) واللفظ له، ومسلم (١٧١٣) عن أم سلمة - رضي الله عنها -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها".
(٢) أخرجه الدارقطني في "السنن" (٥/ ٣٦٧)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٦١٩) وقال ابن القيم: وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة. انظر: "إعلام الموقعين" (١/ ٦٨).
(٣) انظر: "إعلام الموقعين" لابن القيم (١/ ٦٧ وما بعدها).
(٤) العنين: "هو الذي لا يقدر على إتيان المرأة. وسمي عنينًا لأن ذكره يعن؛ أي: يعترض إذا أراد إيلاجه". "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ٤٧)، "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>