للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَرَبِ، وَأَنَّهُ احْتَجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣]).

هذه مسألةٌ فيها خلاف، فأبو حنيفة (١) مثلًا يرى: أن قريشًا بعضهم لبعضٍ أكفاء، ويوافقه أحمد في روايةٍ عنه (٢) في هذه المسألة، لكن عند الإمام أحمد أيضًا تفصيلٌ بين قبائل من قريش (٣) من بني هاشم وغيرهم، ورواية أخرى للإمام أحمد (٤) يرى فيها: أن العرب بعضهم لبعضٍ أكفاء، وأن الموالي بعضهم لبعضٍ أكفاء، والعجم بعضهم لبعضٍ أكفاء، وأبو حنيفة يرى: تقديم القرشيين، ثم العرب بعضهم لبعضٍ أكفاء، وهذه قضايا الحقيقة يحتاج الأمر إلى الاستدلال بها، وأعظم شيءٍ يتوفر في المسلم هو التقوى، وأبو العتاهية يقول:

ألا إنّما التَّقوَى هيَ العِزُّ وَالكَرَمْ … وحبكَ للمال هو الذلُّ والسقمْ

وليسَ على عبدٍ تقيٍّ نقيصةٌ … إذا حقق التَّقوَى وَإن حاكَ أو حجمْ (٥)

"أبو العتاهية" (٦) من الشعراء العباسيين الذين عُرِفوا بالزهد في آخر حياته، فله كثيرٌ من الأبيات الشعرية المؤثرة التي تؤثر في القلوب وفي النفوس.

ألا إنّما التّقوَى هيَ العِزّ وَالكَرَمْ: بلا شك التقي هو: الذي يكون


(١) سيأتي.
(٢) سيأتي.
(٣) سيأتي.
(٤) سيأتي.
(٥) يُنظر: "عيون الأخبار" لابن قتيبة (٢/ ٤٠٣).
(٦) لُقب بأبي العَتَاهية لاضطرابٍ كان فيه، وقيل: بل كَانَ يحبُّ الخَلاعة؛ فكُنِّي بأبي العَتاهية لعُتُوِّه. ويرمى بالزندقة مع كثرة أشعاره في الزهد والمواعظ، وذكر الموت والحشر والنار والجنة، وهو أحد مَن سار قولُهُ وانتشرَ شِعره، ولم يجتمع لأحدٍ ديوان شِعره لكثرته. وقد نَسَكَ بأخرة. تنظر ترجمته في: "طبقات الشعراء" لابن المعتز (ص ٢٢٧)، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (٥/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>