للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مكانةٍ عزيزة؛ لأن الناس يجلونه فقيرهم وغنيهم، فهو صاحب كرم، وهو كريمٌ عند الله - سبحانه وتعالى -، لأنه من المطيعين لله، كما قال الله: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (٣١)} [النبأ: ٣١]، فكل تقي ترى أنه محل احترامٍ عند الناس (١).

ثم يقول: حبكَ للمال هو الذلُّ والسقمْ: لكننا نقول: هذا فيمن يجعل المال غايته، أما من يبحث عن المال ويطلبه من أوجهٍ حلال ويجعله وسيلةً إلى الدار الآخرة فنعم المال، ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا، واللّه تعالى يقول: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: ٧٧].

لا شك أن الإنسان إذا وُفِّقَ إلى جمع مالٍ حلال يُنفق منه على نفسه وعلى أولاده ويُحسن إلى الفقراء والمحتاجين ويؤدي حق الله عليه، فيكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (٢).

ثم يقول بعد ذلك: وليسَ على عبدٍ تقيٍّ نقيصة: لا شك أن العبد إذا كان تقيًّا فلا ينقصه شيء مهما كان، حتى وإن كان ممن ينظف الشوارع، نحن نرى هؤلاء الأقوام الذين يأتون من بعض البلاد الإسلامية ترى أنه ينظف الشارع، ويلبس ملابسه الرسمية فما دام يتقي الله - سبحانه وتعالى - فهذه أمورٌ لا تنقصه، لأنه قال: إذا حقق التَّقوَى، وإن حاكَ أو حجمْ؛ ولذلك في قصة أبي هند الذي حجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنادى الرسول وقال: "يا بني بياضة أنكحوا أبا هندٍ وأنكحوا إليه" (٣).


(١) أخرجه البخاري (٦٦٠)، ومسلم (١٠٣١) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه".
(٢) أخرجه أبو داود (٢١٠٢)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٢٤٤٦).
(٣) ينسب البيت لسلمان الفارس في "ربيع الأبرار" (٤/ ١٨٧)، وينسب لنهار بن توسعة اليشكري في "الكامل" للمبرد (٣/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>