للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣].

وذاك يقول:

أبي الإسْلامُ لا أَبَ لِي سِوَاهُ … إِذَا افتخروا بِقيسٍ أو تَميمِ (١)

فلا ينبغي للإنسان أن يفتخر بأنه من قبيلة قيس أو تميم، أو بأنه من قبيلة حرب، أو بأنه من أي قبيلةٍ من القبائل، وإنما دائمًا الإنسان يفخر ويعتز بدينه، كما قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩].

قوله: (فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أنه يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَوَالِي مِنَ الْعَرَبِ، وَأَنَّهُ احْتَجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]).

ونعمت الحجة في قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وهل هناك حجة أقوى من أن يُورِدَ الإنسانُ دليلًا جاء في هذا الكتاب المُطهَّر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لا شك أن هذا دليلٌ واضح، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - طبَّق ذلك الأمر، وفي قصة عائشة: نجد أن سالمًا مولى أبي حذيفة كان مولى لرجلٍ من الأنصار، هو أبو حذيفة وكان رجلًا من العرب وقد زوَّجه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة (٢)، ولم


(١) أخرج البخاري (٤٠٠٠): "أن أبا حذيفة وكان ممن شهد بدرًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبنى سالمًا وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة، وهو مولى لامرأة من الأنصار".
(٢) أخرجه البخاري (٢١٦٨) وهذا لفظه، ومسلم (١٥٠٤) عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام وقية، فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم فأبوا ذلك عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق"، ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد، ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من=

<<  <  ج: ص:  >  >>