للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجمال هو جمال الخُلق، والطاعة والتقوى والصلاح والخير، هذا هو الجمال الحقيقي، فإذا اجتمعت هذه الصفات فما أحسنها!

قوله: (وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أيضًا أن الْفَقْرَ مِمَّا يُوجِبُ فَسْخَ إِنْكَاحِ الْأَبِ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ (١)؛ أَعْنِي: إِذَا كانَ فَقِيرًا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَالْمَالُ عِنْدَهُ مِنَ الْكَفَاءَةِ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢)).

يعني: لو أن إنسانًا تزوج امرأة وعجز عن النفقة، وهناك أسباب أخرى لفسخ النكاح كوجود عيبٍ في أحد الزوجين مثل أن يكون عنِّينًا (٣)؛ يعني: لا يستطيع أن يقوم بحقوق المرأة وأخفى ذلك، أو أن يكون الزوج غير قادرٍ على الإنفاق على المرأة، فإن صبرت واحتسبت فستنال الأجر من الله - سبحانه وتعالى -، ولقد مر بنساءٍ كثيرات مواقف مثل ذلك، فساعدن أزواجهن على أمور الدنيا، وحملن معهم أمورًا كثيرة في هذا المقام، فتجد أن المرأة تذهب وتحتطب، وتطحن القمح وتحمل الماء على رأسها، وغير ذلك.


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ٢٤٩)؛ حيث قال: "قوله: (من فقير)، أي: سواء كان ابن أخ له أو غيره وأسقط المصنف ابن أخ الواقع في الرواية، لأنه وصف طردي مخرج على سؤال سائل، وحينئذ فلا مفهوم له كما أنه أسقط المطلقة من قوله: "وللأم" لما ذكرنا وقوله: (في تزويج الأب)؛ أي: وغير الأب أولى بذلك، وأما الأم فخاص بها مطلقة أم لا ومثل الفقير من يغربها عن أمها مسافة خمسة أيام، ويشكل على هذا الفرع ما تقدم في قوله: "إلا لكخصي"؛ أي: فليس للأب أن يجبر ابنته على التزويج بخصي ونحوه من العيوب الموجبة للخيار، وأما الفقر فلم يذكروه فله جبرها ولا كلام لأحد حتى الأم؛ فكيف يحكم هنا لها بالتكلم إلا أن يقال: ما هنا مبني على أن اليسار معتبر في الكفاءة ولا مانع من بناء مشهور على ضعيف".
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٣١٩)؛ حيث قال: "ومنها المال، فلا يكون الفقير كفئًا للغنية؛ لأن التفاخر بالمال أكثر من التفاخر بغيره عادة، وخصوصًا في زماننا هذا؛ ولأن للنكاح تعلقًا بالمهر والنفقة تعلقًا لازمًا، فإنه لا يجوز بدون المهر، والنفقة لازمة".
(٣) العُنَّة الحبس، رجلٌ عنِّينٌ: لا يريد النساء، بيِّن العنِّينِيَّة. وامرأة عِنِّينَة: لا تشتهي الرجال. انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (٤/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>