للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلماء ذكروا من الأسباب التي تجعل المملوك غير كفء للحرة قالوا:

أولًا: لأن سيده يملكه، فهو لا يستطيع أن يقوم بالإنفاق على زوجته إلَّا لو كان سيده ينفق عليه.

ثانيًا: يكون مشغولًا بسيده فلا أوقات عنده للقيام بكثيرٍ من حقوق الزوجة.

هذه تعليلاتٌ ذكرها العلماء تجعل المملوك غير كفء للحرة (١).

قوله: (وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا مِنَ الْكَفَاءَةِ؛ لِكَوْنِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ لِتَخْيِيرِ الأمَةِ إِذَا عُتِقَتْ) (٢).

في قصة بريرة: أن المرأة إذا كانت تحت عبد ثم عُتقت أصبحت حرة تُخيَّر، لكن إن رضيت فالحمد لله، وكونه يجوز لها أن تبقى مع زوجها المملوك هذا دليلٌ على أن الكفاءة بالنسبة للحرية ليست شرط صحة، بدليل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خيَّرها ثم عرض عليها أن تبقى معه، فدلَّ ذلك على أن زواج الحر بالمملوكة لا تأثير له.


(١) يُنظر: "أعلام الموقعين" لابن القيم (٢/ ٦٦)؛ حيث قال: "أباح للرجل أن يستمتع من أمته بملك اليمين بالوطء وغيره، ولم يبح للمرأة أن تستمتع من عبدها لا بوطء ولا غيره؛ فهذا أيضًا من كمال هذه الشريعة وحكمتها، فإن السيد قاهر لمملوكه، حاكم عليه، مالك له، والزوج قاهر لزوجته حاكم عليها، وهي تحت سلطانه وحكمه شبه الأسير؛ ولهذا منع العبد من نكاح سيدته للتنافي بين كونه مملوكها وبعلها، وبين كونها سيدته وموطوءته، وهذا أمر مشهور بالفطرة والعقول قبحه، وشريعة أحكم الحاكمين منزهة عن أن تأتي به".
(٢) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ٢٥٠)؛ حيث قال: " (قوله: وفي العبد تأويلان) المذهب أنه ليس بكفء كما في الشارح تبعًا لشب، وفي عبق أن الراجح أنه كفء، وهو الأحسن لأنه قول ابن القاسم. أقول: والظاهر التفصيل فما كان من جنس الأبيض فهو كفء؛ لأن الرغبة فيه أكثر من الأحرار وبه الشرف في عرف مصرنا وما كان من جنس الأسود فليس بكفء؛ لأن النفوس تنفر منه ويقع به الذم للزوجة. اهـ عدوي. وظاهر المصنف جريان الخلاف في عبد أبيها وغيره".

<<  <  ج: ص:  >  >>