للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة (١)، والمؤلف هنا: نحا منحًى جيدًا، في قضية الإشهاد لم يخالف فيه الصحابة، إذن لم يقع فيه خلاف في الصدر الأول فينبغي أن يكون حُكمًا، وقد تعددت الأحاديث في ذلك وعَمِل بها العلماء إذن هو حكمٌ شرعي.

قوله: (وَكثِيرٌ مِنَ النَّاسِ رَأَى هَذَا دَاخِلًا فِي بَاب الْإِجْمَاعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (٢)، وَذَكَرَ أَنَّ فِي سَنَدِهِ مَجَاهِيلَ).

المؤلف يقصد: أن قضية الإشهاد من الأمور التي يُجمع عليها، لكن أين دليل الإجماع وأين الإجماع؟ ولكن الإجماع لم يُنقل، وإنما نُقِل أنه لا خلاف بين الصحابة، والمسألة متفقٌ عليها فيُبنى على ذلك أن هناك إجماعًا، كما نجد كثيرًا ما يتكلم العلماء كابن المنذر (٣)، وابن قدامة، والنووي، وابن تيمية (٤)، أمثال هؤلاء، يقول: وقد قال به فلان من الصحابة ولا مخالف له فيكون إجماعًا، لكن فرق بين أن يقول صحابي بقول ولم يُنقل خلافه، وبين أن يُنقل لنا الإجماع فلا شك أن نقل


(١) أخرجه أحمد (٢٦٢٣٥) عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي من لا ولي له". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٨٥٨).
(٢) أخرجه الدارقطني في "السنن" (٤/ ٣٢٨)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٥٩٦).
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٦/ ٥٤٢).
وقد أنكر ابن حزم كون عدم العلم بالخلاف إجماعًا فقال في "الإحكام في أصول الأحكام" (٤/ ٥٦٦): "وإنما البلبلة والعار والنار على من أقدم على الكذب جهارًا فادعى الإجماع إذ لم يعلم خلافًا".
(٤) ذكره ابن تيمية كأحد أنواع الإجماع، وسماه الإجماع الإقراري أو الاستقرائي، فقال: "بأن يستقرئ أقوال العلماء فلا يجد في ذلك خلافًا، أو يشتهر القول في القرآن ولا يعلم أحدًا أنكره؛ فهذا الإجماع وإن جاز الاحتجاج به فلا يجوز أن تدفع النصوص المعلومة به؛ لأن هذا حجة ظنية لا يجزم الإنسان بصحتها؛ فإنه لا يجزم بانتفاء المخالف". انظر: "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>