للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس، وهي في الحقيقة لم تأت على خلاف القياس، وإنما جاءت لتلتقي مع روح هذه الشريعة ويسرها وسماحتها ومراعاتها لأحوال الناس ومصالحهم.

قوله: (وَلِذَلِكَ خَالَفَ فِيهَا الْأَصَمُّ (١) وَابْنُ عُلَيَّةَ (٢)، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ التَّعَامُلِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى عَيْنٍ مَعْرُوفَةٍ ثَابِتَةٍ فِي عَيْنٍ مَعْرُوفَةٍ ثَابِتَةٍ. وَالْإِجَارَةُ هِيَ عَيْنٌ ثَابِتَةٌ فِي مُقَابَلَتِهَا حَرَكَاتٌ وَأَفْعَالٌ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَلَا مُقَدَّرَةٍ بِنَفْسِهَا).

ابن علية والأصم لا اعتبار بهما؛ لأنهما يُشددان ويُخالفان العلماء، ولذلك نجد أن العلماء المحققين كابن قدامة (٣) وابن المنذر وابن عبد البر والنووي (٤) إذا ذكروا هذين الاثنين قالوا: ولا يعتد بقولهما؛ لأنهما يُشددان في مثل هذه المسائل.

يعني: عندما تستأجر سيارة لمدة كذا وتُحمل عليها ركاب، قد يكون هذا العمل غير مُقدر، ولكنه في الغالب معروف، لكن لو أنك زدت على السيارة في الحمولة تكون بذلك قد تجاوزت الحد فتعاقب على ذلك،


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٢٢)؛ حيث قال: "أجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة، إلا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم".
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ٣)؛ حيث قال: "إلا أن إبراهيم بن علية قال: لا تجوز لأنها أكل مال بالباطل".
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٢٢)؛ حيث قال: "أجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة، إلا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم أنه قال: لا يجوز ذلك؛ لأنه غرر؛ يعني: أنه يعقد على منافع لم تخلق. وهذا غلط لا يمنع انعقاد الإجماع الذي سبق في الأعصار".
(٤) يُنظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٢/ ٣٠١)؛ حيث قال: "أبطل الإجارة، اسمه عبد الرحمن الأصم، ذكره الرافعي، وكنيته أبو بكر، وقوله في "الوسيط": لا مبالاة بالقاشاني وابن كيسان، معناه: لا يُعتد بهما في الإجماع، ولا يجرحه خلافهما، وهذا موافق لقول ابن الباقلاني، وإمام الحرمين، فإنهما قالا: لا يُعتد بالأصم في الإجماع والخلاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>