للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن شرعت الإجارة لمصلحة الناس والذي أقر بذلك قوله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦)} [القصص: ٢٦].

وجاءت أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإجارة وعمل بذلك الصحابة - رضي الله عنهم - وعمل بها المسلمون إلى يومنا هذا، فالإجارة ثابتة في الكتاب والسنة، وأجمع العلماء عليها (١)، وكون منافع هذه الإجارة أنها عقد على المنافع لا يلزم حقيقة أن تعرف جزئياته وما يترتب عليها؛ لأنه قد تحصل أمور لا يدركها الإنسان وهذا قد يحصل في المساقاة والمزارعة وقد يحصل في النكاح.

قوله: (وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مَتَى تَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) (٢).

هذه مسألة خلافية هل يحصل على الأجرة في مقدمة الأمر أو في وقته، والإجارات تختلف من حال إلى حال لكن لو قُدمت الأجرة أو أخرت أو جزئت كل ذلك جائز؛ لأنه مما يتفق عليه المؤجر والمستأجر.


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٦/ ٢٨٦)؛ حيث قال: "فالإجارة ثابتة بكتاب الله - عز وجل -، وبالأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واتفق على إجازتها كل من نحفظ عنه قوله من علماء الأمة".
(٢) مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أنها تجب وتستحق بتمام العمل.
مذهب الحنفية، يُنظر: "النتف في الفتاوى" للسغدي (٢/ ٥٥٩)؛ حيث قال: "فإن وقعت على عمل معلوم فلا تجب الأجرة إلا بإتمام العمل إذا كان العمل مما لا يصلع أوله إلا بآخره، وإن كان يصلح أوله دون آخره فتجب الأجرة بمقدار ما عمل، وإذا وقعت على وقت معلوم فتجب الأجرة بمضي الوقت إن هو استعمله أو لم يستعمله".
ومذهب المالكية، يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (٨/ ٤١١)؛ حيث قال: "فإن لم يكن شرط ولا عرف لم يلزمه دفع الأجرة إلا بعد تمام العمل".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٥/ ١٧٥)؛ حيث قال: "لأن الاستحقاق يثبت بتمام العمل".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٣٧٣)؛ حيث قال: "يستقر بتمام العمل كالأجرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>