للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ يَبْلُغُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، بَلِ الْقَصْدُ مِنْهُ أَكْثَرُ ذَلِكَ الْمُكَارَمَةُ؟ فَمَنْ قَالَ: يَجْرِي فِي التَّشَاحِّ مَجْرَى الْبَيْعِ - قَالَ: كمَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ، كذَلِكَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ. وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ يَجْرِي مَجْرَاهُ؛ إِذِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ الْمُكَارَمَةُ - قَالَ: يَجُوزُ).

العلماء اختلفوا في هذه المسألة؛ لأنهم لم يجدوا نصًّا صريحًا، وإنما جاء تسمية الصداق نوعه وصفته ولم تذكر مبينة، كما أن البيع يشترط فيه ارتفاع الجهالة فلا بد أن يكون موصوفًا، لكن قد يُتسامح في بعض الأمور كأن يبيعه دارًا ولا يشترط أن يعرف أساسها أو أصلها؛ لأن هذا مما يشق فهذا مما عوفي عنه، لكن لا بد من وجود الوصف المنضبط في الأمور الظاهرة؛ يعني: المقصود منه كالحال في بيع التشاح، أو أنه بنى علي الكرم والتسامح؛ ولذلك نجد أن الله - سبحانه وتعالى - يقول: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤]، فعلى الرغم من كونه واجبًا، لكنه ينبغي أن يدفعه الزوج إلى الزوجة صادرًا عن طيب نفس.

قوله: (وَأَمَّا التَّأْجِيلُ فَإِنَّ قَوْمًا لَمْ يُجِيزُوهُ أَصْلًا) (١).

هذه المسألة فرعية أدرجها المؤلف ضمن مسألة أخرى، المراد بالتأجيل يعني: هل يشترط في المهر الذي يتقرر أن يكون معجلًا أن يدفع مقدمًا هذا هو الأصل، أو يجوز أن يقدم بعضه ويؤخر بعضه الآخر على اتفاق بينهما؛ أي: أن المال يُقدم نصفه ويترك نصفه الآخر إلى ما بعد فترة، أو أن يقدم بعضه ويترك البعض الأكثر، أو العكس، أو هل له أن يؤجله جميعًا؛ إذن هناك صور ثلاثة:


(١) هو قول الحسن البصري والثوري. يُنظر: "المعاني البديعة" لجمال الدين الريمي (٢/ ٢٢٤)؛ حيث قال: "إذا تزوجها على صداق بعضه عاجل وبعضه آجل ولم يذكر أجلًا معلومًا لم تصح التسمية ووجب لها مهر المثل. وعند الحسن البصري وحماد والثوري وأبي عبيد ذلك جائز، ويكون كله حالًّا".

<<  <  ج: ص:  >  >>