للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الصَّغِيرَةَ وَالْمَحْجُورَةَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَهَبَ مِنْ صَدَاقِهَا النِّصْفَ الواجب لها) (١).

لأن الصغيرة والمحجورة ليس لها أن تتصرف في هذا الأمر؛ فيحتاج إلى موافقة من له الولاية عليها، ولذلك يشترطون في تنازل الزوجة عن نصف الصداق، أن يكون كل واحدٍ منهما رشيدًا مُكلَّفًا، وقد يكون الإنسان مُكلَّف ولكنه غير رشيد (٢)، فكم من أُناس تجاوزوا سن البلوغ وقطعوا مسافاتٍ كثيرة من العمر، ومع ذلك تراهم يتصرفون تصرف السفهاء، وكم من صغار السن أصحاب العقول الكبيرة ممن وهبهم الله إدراكًا وحصافة وفهمًا، تجد أنهم يتصرفون كتصرف كبار العقلاء، لكن الغالب أن الكبير يدرك ما لا يدركه الصغير؛ إذن فالصغيرة الغير مدركة لا يُعتبر عفوها في هذا المقام.


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (٣/ ١٦١)؛ حيث قال: " (قوله: وصح حطها)؛ أي: حط المرأة من مهرها؛ لأن المهر في حالة البقاء حقها والحط يلاقيه حالة البقاء، أطلقه فشمل حط الكل أو البعض وشمل ما إذا قبل الزوج أو لم يقبل بخلاف الزيادة … وقيد بحطها؛ لأن حط أبيها غير صحيح، فإن كانت صغيرة فهو باطل، وإن كانت كبيرة توقف على إجازتها".
ومذهب المالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" لمواق (٥/ ٢٢٥)؛ حيث قال: "وللمرأة إن كانت مالكة أمر نفسها إسقاط لنصف الواجب لها من حقها عند طلاقها، ومثل ذلك يكون لمن يملك الإجبار في النكاح كالأب في ابنته البكر أو الثيب الصغيرة أو السيد في أمته وهو نص قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} يريد الزوجات المالكات لأمورهن".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٥١٣)؛ حيث قال: " (قال الشافعي) - رحمه الله - فأما أبو البكر وأبو المحجور عليه فلا يجوز عفوهما كما لا تجوز لهما هبة أموالهما".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ١٤٥)؛ حيث قال: " (فأيهما)؛ أي: الزوجين (عفا لصاحبه عما وجب له من المهر وهو جائز الإبراء في ماله) بأن كان مكلفًا رشيدًا (برئ منه صاحبه سواء كان المعفو عنه عينًا أو دينًا) لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} ".
(٢) الرشد: كمال العقل وسداد الفعل وحسن التصرف. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (١/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>