للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ قَبَضَتْ فَلَهُ النِّصْف، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ حَتَّى وَهَبَتْ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَيْنِ مَا لَمْ تَقْبِضْ، فَإِذَا قَبَضَتْ صَارَ فِي الذِّمَّةِ) (١).

يعني: مذهب أبي حنيفة في هذا: إن قبلت الصداق ثم وهبته فلها ذلك، أما قبل أن تقبضه ويتحول إلى ملكها فلا يجوز ذلك؛ لأنه لا يُسمى ملكًا تامًّا في هذا المقام.

قوله: (الْمَوْضِعُ الرَّابعُ: فِي التَّفْوِيضِ).

هذه مسألةٌ مهمة جدًّا، وهي: ما يتعلق بالتفويض، فمن العلماء من قسَّمه إلى قسمين:


= صداقها) لزوجها (ثم طلقت قبل الدخول فإذا أصدقها عينًا ووهبتها له ثم طلقها قبل الدخول رجع) عليها (بنصف البدل) من مثل أو قيمة؛ لأنه تملكها قبل الطلاق عن غير جهته فأشبه لو ملكها من أجنبي، ولأنها صرفتها بتصرفها إلى جهة مصلحتها فأشبه ما لو وهبتها من أجنبي".
ومشهور مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ١٤٦)؛ حيث قال: "وإذا أبرأته من صداقها أو وهبته له ثم طلقها قبل الدخول رجع) الزوج (عليها بنصفه)؛ لأن عود نصف الصداق إلى الزوج بالطلاق وهو غير الجهة المستحق بها الصداق أولًا، فهو كما لو أبرأ إنسانًا من دين عليه ثم استحق عليه مثل ما أبرأه منه بوجه آخر فلا يتساقطان بذلك. (وإن أبرأته من نصفه)؛ أي: الصداق (أو وهبته)؛ أي: الصداق (له ثم طلقها) الزوج (قبل الدخول رجع في النصف الباقي)؛ لأنه وجد ما أصدقها بعينه، فأشبه ما لو لم تهبه له".
وهو مذهب الأحناف بشرط أن تقبضه. يُنظر: "درر الحكام" لمنلا خسرو (١/ ٣٤٤)؛ حيث قال: " (قبضت ألف المهر فوهبته له وطلقت قبل الوطء رجع بنصفه) يعني تزوج امرأة على ألف فقبضته ووهبته له، ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بخمسمائة؛ إذ لم يصل إلى الزوج عين ما استوجبه بالطلاق قبل الدخول؛ لأنه يستحق به نصف المهر، والمقبوض ليس بمهر، بل عوض عنه".
(١) يُنظر: "التجريد" للقدوري (٩/ ٤٦٩١)؛ حيث قال: "قال أصحابنا: إذا وهبت صداقها لزوجها قبل قبضه ثم طلقها قبل الدخول لم يرجع عليها بشيء. وإن قبضت ثم وهبت: فإن كان المهر ثمنًا رجع عليها، وإن كانت عروضا فوهبتها وهي بحالها لم يرجع عليها بشيء، وإن تغيرت بزيادة أو نقصان رجع عليها".

<<  <  ج: ص:  >  >>