أما مسألة الميراث فخالف فيه أبو حنيفة صاحبيه؛ إذ قال بعدم الميراث. يُنظر: "الهداية" للمرغيناني (١/ ٢٠٧)؛ حيث قال: " (وإذا مات الزوجان وقد سمى لها مهرًا فلورثتها أن يأخذوا ذلك من ميراث الزوج، وإن لم يسم لها مهرًا فلا شيء لورثتها عند أبي حنيفة وقالا لورثتها المهر في الوجهين) معناه المسمى في الوجه الأول ومهر المثل في الوجه الثاني". (١) يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٥/ ٢١٧)؛ حيث قال: " (أو) يزوج (غير الأب) كأخ يزوج موليته (بإذنها بلا مهر) سواء سكت عن الصداق أو شرط نفيه، فيصح العقد، ويجب به مهر المثل؛ لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}، ولحديث ابن مسعود: "أنه سئل عن المرأة التي يتزوجها رجل ولم يفرض لها صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود: لها صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث". (٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٥/ ٤٢٦)؛ حيث قال: "وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي والشافعي في رواية البويطي لها مهر مثلها والميراث وعليها عدة الوفاة، وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور وداود والطبري". (٣) يُنظر: "نهاية المطلب" للجويخي (١٣/ ١٠٥)؛ حيث قال: "إذا جرى تفويضٌ صحيح، ولم يجر مسيس ولا طلاق، حتى مات أحد الزوجين، ففي ثبوت مهر المثل قولان للشافعي وتردُّدٌ بيِّنٌ". (٤) القول بعدم ثبوت المهر بموت أحد الزوجين قبل الفرض والوطء هو قول العراقيين. يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (١٣/ ١٠٦ - ١٠٧)؛ حيث قال: "أما العراقيون فقد استدلُّوا، وجَرَوْا على المسلك المرتضى، وقَضَوْا بأن المفوضة لا تستحق بالعقد مهرًا؛ إذن لم يعرفوا قولًا آخر، وقطعوا بأنها تستحق المهر إذا مسها الزوج. قال الجويني: والقول الأول - أي: قول العراقيين - أفقه". والذي عليه المتأخرون أن لها الصداق. يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٣٨٣)؛ حيث قال: " (وإن مات أحدهما)؛ أي: الزوجين (قبلهما)؛ أي: الفرض والوطء (لم يجب مهر مثل في الأظهر) كالطلاق (قلت: الأظهر وجوبه، والله أعلم) لأنه كالوطء في تقرير المسمى، فكذا في إيجاب مهر المثل في التفويض "ولأن بروع بنت واشق نكحت بلا مهر فمات زوجها قبل أن يفرض لها، فقضى لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمهر نسائها وبالميراث"".