للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو المشهور عن الإمام مالك والمعروف، لكن أبا حنيفة وأحمد يريان أن لها المهر.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلْأَثَرِ؛ أَمَّا الْأَثَرُ فَهُوَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -).

كما في قصة المرأة التي مات عنها زوجها، دون أن يُذكَر صداق ولم يدخل بها فاستفتوا في ذلك الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، فتوقف في ذلك بُرهةً من الزمن، فترددوا عليه، وقالوا: إن لم نجد الجواب عند أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأين نجد؟ فما كان من عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - بعد أن اجتهد في الأمر وجمع ما يتعلق به إلَّا أنْ بيَّن أن لها المهر وعليها العدة ولها الميراث، وبيَّن أنه إنما عمل ذلك برأيه، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان غير ذلك فمن نفسه، وفي رواية: "فمني ومن الشيطان" (١)، فلما قضى في ذلك عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قام إلى ذلك أحد الصحابة فقال: (لقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ما قضيت به في بروع بنت واشق) (٢).

إذن عبد الله بن مسعود قضى في أمرٍ من الأمور، فجاء قضاؤه موافقًا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأصبح الحُجَّة في ذلك في الأصل إنما هو قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما في الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن (٣) وأحمد (٤) وابن حبان (٥) وغيرهم، وهو حديث صحيح، وكونه ورد اختلافٌ في اسم الصحابي فإن ذلك لا يضر (٦)؛ لأن الجهالة بالنسبة للصحابي لا تضره في


(١) أخرجه النسائي (٣٣٥٨)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٩٣٩).
(٢) أخرجه الترمذي (١١٤٥)، وصححه الألباني كما سبق.
(٣) أخرجه أبو داود (٢١١٤)، وابن ماجه (١٨٩١). وسبق ذكر روايتي الترمذي والنسائي.
(٤) أخرجه أحمد (٤٠٩٩).
(٥) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٩/ ٤٠٨).
(٦) يُنظر: "نصب الراية" للزيلعي (٣/ ٢٠٢)؛ حيث قال: "ورواه البيهقي في "سننه" =

<<  <  ج: ص:  >  >>