للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها لوجود جهالة، أو غَررٍ فيها، أو عدم قدرة على تسليمها؛ كبعير شارد، أو سمكٍ فِي الماء، أو حَمْلٍ في بطن ناقة أو شاة، أو طائر في السماء، فكلها أمورٌ لا يمكن تسلُّمها (١).

إذًا، هذه عيوبٌ مؤثرة.

ومن خلال هذه المقدمة نلحظ أمرًا مهمًّا، وهو أنَّ المؤلف في هذه المسائل التي يفسد فيها كالمهر، إنما ذكر أمورًا محرَّمة وأخرى مجهولة، ولا ننسى أن هذه الشريعة الغرَّاء المُحْكَمة المُتقَنة بيَّنت لنا الحلَال، ودعَتْنا إلى الأخذ به، وأوضحت الحرام وحذَّرتنا من ارتكابه وتناوله، والله - سبحانه وتعالى - طَيِّبٌ لا يقبل إلا طيبًا (٢)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ الحلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحرام بَيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مُشتبهات" (٣)، وفي رواية: "مُشَبَّهات، لا يَعلمهن كثير من الناس؛ فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لديته وعِرضه، [أي: حفظ دينه وصان عرضه]، ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام" (٤).

فالمسلم مطالبٌ بأن يبتعد عن كل محرَّم ولَا يتناوله، سواءً كان هذا


(١) ستأتي.
(٢) معنى حديث أخرجه مسلم (١٠١٥/ ٦٥)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّها الناس، إنَّ الله طَيِّب لا يَقبل إلا طَيِّبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)}، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} "، ثم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر، يَمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومَطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأَنَّى يُستجاب لذلك؟! ".
(٣) أخرجه قريبًا من هذا اللفظ مسلم (١٥٩٩/ ١٠٧)، عن النعمان بن بشير، قال: سمعته يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول - وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه -: "إنَّ الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مُشتبهات لا يَعلمهن كثيرٌ من الناس … "، الحديث.
(٤) أخرجه البخاري (٥٢)، عن النعمان بن بشير، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحلالُ بَيِّنٌ، والحرام بين، وبينهما مُشبهات لا يَعلمها كثير من الناس؛ فمَن اتَّقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومَن وقع في الشبهات؛ كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه … "، الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>