للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" (١).

ثم أتبع ذلك - أيضًا - بأنَّ ما قُدِّم مِن مهرٍ حلال، وما وُجَّهت إليه المرأة من طرق الخير - به يتحقق الخير والسعادة للزوجين معًا.

فليحرص المسلم في كل أموره أن يكون ما يأكله أو يشربه أو يلبسه حلالًا، وينبغي له أن يتجنب الحرام، ويأتي في مقدمة ذلك: ما يُقَدِّمه المسلم في مثل هذا المقام وهو المهر، ولنتابع المسائل الواردة في ذلك.

(وَفِي ذَلِكَ خَمْسُ مَسَائِلَ مَشْهُورَةٍ).

قال المؤلف: (وَفِي ذَلِكَ خَمْسُ مَسَائِلَ مَشْهُورَةٍ)؛ لأن هناك مسائل أخرى لم يَعرض لها، ولعل منها ما ذكرنا آنفًا؛ كالذي يريد أن يتزوج امرأة فيقول: مهركِ طلاق زوجتي أو إحدى زوجاتي، وهذا قد يحصل من بعض الناس الجهلة، وهذا لا ينبغي (٢). فالمؤلف - رحمه الله - اختار مسائل اعتبرها أمهات الباب؛ فاقتصر عليها، وترك غيرها ليأتى الإنسان اللبيب فيُلحق ما لم يُذكر بما ذُكر.


(١) أخرجه البخاري (٥٠٩٠)، ومسلم (١٤٦٦/ ٥٣)، عن أبي هريرة.
(٢) مذهب الشافعية على عدم الجواز، انظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٣/ ٢١٧)، وفيه قال: " (ولا) يجوز (جعله) أي: الزوج (طلاق أخرى، أو جعل بُضع أَمَتِه صداقًا) لمنكوحة فيهما".
وفي مذهب الحنابلة روايتان، انظر: "الكافي "لابن قدامة (٣/ ٦٠)، وفيه قال: "وإن تزوجها على طلاق زوجته الأخرى لم يَصِحَّ الصداق. وعنه: يصح؛ لأن لها فيه غرضًا صحيحًا، أشبه عِتق أبيها، فإن فات طلاقها بموتها، فقال أبو الخطاب: قياس المذهب: أنَّ لها مَهر الميتة؛ لأن عوض طلاقها مهرها، فأشبه قيمة العبد، ويحتمل أن يَجب مهر المثل؛ لأن الطلاق لا قيمة له ولا مثل".
ومشهور المذهب على عدم الجواز، انظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٠)، وفيه قال: "و (لا) يصح أن يصدقها (طلاق زوجة له، أو) أن يصدقها (جعله) أي: طلاق ضَرَّتها (إليها إلى مدة) ولو معلومة".
ولم نقف على هذه المسألة في مذهبي الحنفية والمالكية، لكن أصولهما تقتضي عدم الجواز، إذ منعوا ما هو مباح من النكاح على تقديم منافع وخدمات مِن تَعليم الزوجة ونحوه، فما هو دونه من باب أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>