للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

("العَقْدُ صَحِيحٌ إِذَا وَقَعَ فِيهِ مَهْرُ المِثْلِ" (١)).

يعني: العلماء في هذا المقام انقسموا إلى قسمين من حيث الجملة:

- فريق منهم - وهم الأكثر - قالوا: إن العقد صحيح، والمهر غير صحيح، لأنه مُحَرَّم؛ فيُرجع إلى رأي المِثل.

- وفريق يتمثل في الإمام مالك ومَن وافقه، فقد فَرَّق - رحمه الله - بين حالتين: بين أن يُقدم هذا المهر قبل العقد، وبين أن يُقدم بعده؛ فإن كان قبله فلا يجوز، وإن كان بعده فيجوز، فكأنه لاحظ جانب التيسير.

(وَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَان (٢)، إِحْدَاهُمَا: فَسَادُ العَقْدِ وَفَسْخُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَه، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ (٣)).

إذًا، الإمام مالك له روايتان:

- الرواية الأولى: أن العقد يفسد مطلقًا؛ وهي أولى أن يوقف عندها في المذهب، وإن كنا نُضَعِّف هذا القول، لكن هو أولى مِن التَّفرِيق؛ إذْ لَا داعي للتَّفريق ولا حُجة له، لكن القول الأول في المذهب هو أنه إذا كان المهر حرامًا فإنه يَسري للعقد، أي: يصل إليه، فيُفسده.

فكأنَّ الإمام مالكًا أو المالكية في ذلك نَزَّلوا النكاح منزلة البيع (٤)؛ لأن البيع - كما هو معلوم - إذا فسد العِوض وهو المبيع فَسَد المُعوَّض، وهو الثمن، فيُرجع ويُرد؛ وهذه قاعدة معروفة في البيع، نصُّها: (إذا فَسَد


(١) انظر: "مختصر القدوري" (ص: ١٤٧)، وفيه قال: "وإن تزوج المسلم على خمر أو خنزير، فالنكاح جائز، ولها مهر مثلها".
(٢) انظر: "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٧١٤)، وفيه قال: "هل يَفسد النكاح بفساد المهر، فيه روايتان: إحداهما: أنه لا يَفسد، والثانية أنه يَفسد".
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٤٦٦)، وفيه قال: "وقال أبو عُبيد: لا يُكتب النكاح في شيء مِن ذلك؛ ذَكره في الخمر والخنزير".
(٤) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>