للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الذين أجازوا ذلك فإنهم قالوا: لو كان العِوض - وهو المهر - صحيحًا ألا يصح العقد؟ قيل: بلى، قالوا: فكذلك، أنتم ترون أنهم قاسوا العِوض الفاسد على العوض الصحيح، وهذا قياس مع الفارق، لكنهم يريدون أن يُرَتِّبوا علَى ذلك أمورًا؛ قالوا: فكذلك الحال هنا، أليس إذا كان المهر مجهولًا أو مغصُوبًا يصح العقد بالاتفاق؟ قالوا: بلى، وكذا قال المالكية.

إذًا، هناك فرق بين العقد وبين المهر، فلا ينبغي أن يكونا بشيءٍ واحد. ولذلك فرَّقوا بين البيع وبين غيره (١).

(فَمَنْ قَالَ: حُكْمُهُ حُكْمُ البَيْعِ - قَالَ: يَفْسُدُ النِّكَاحُ بِفَسَادِ الصَّدَاقِ (٢)).

لأنه إذا فسد العوض فإنه يُرد المعوَّض، كما مر معنا، فإذا كان البيع فاسدًا وجب أن يُرَدَّ الثمن إلى صاحبه، وهذا أمرٌ مُسَلَّم.

قالوا - أي: الفريق الآخر الجمهور: لكن ذلك لا ينطبق على النكاح.

قيل: لماذا؟ قالوا: لأنه إذا فَسَد العِوض فيه فلا يَفسد ما يقابل المعوَّض وهو العقد؛ فالعقد هنا صحيح لا يتغير، كما لو لم يكن هناك مهرٌ أصلًا، وهذا أعظم من ألا يكون هناك مهر؛ فالنكاح إذًا يصح خلافًا لمن شَكَّ في هذه المسألة، أو خلافًا للقول الضعيف الذي يرى أن المهر شرط .. فعلى هذا يصح أن يُعقد النكاح دون ذِكر المهر (٣).

وعليه، قالوا: كذلك هنا، فنعتبر أن المهر كأن لم يكن، فنُصححه ثم نرجع في هذه الحالة إلى مهر المثل؛ وهو الذي يتقرر في هذه الحالة.


(١) سبق بيان هذا.
(٢) سبق.
(٣) سبق ذكر هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>