للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كمَا يَفْسُدُ البَيْعُ بِفَسَادِ الثَّمَنِ).

ونحن نقول: هذا قياسٌ مع الفارق، لأن البيع يفسد بفساد الثمن، لأن الثمن إذا فسد سَرَى على المبيع، وإذا فسد البيع رُد الثَّمن أيضًا. لكن الحال هنا مختلفةٌ تمامًا، فإن العقد هنا لا يفسد، ودعوى الفساد من المالكية غير مُسلَّمة، والقياس على نكاح الشغار صورته مختلفة، وجاء فيه نصّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يقاس عليه هذا الأمر (١).

(وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ صِحَّةُ الصَّدَاقِ، بِدَلِيلِ: أَنَّ ذِكْرَ الصَّدَاقِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ العَقْدِ).

لقد أحسن المؤلف، وهذا ما ذكرناه بأن ذكر الصداق ليس شرطًا في صحة العقد، ومن قال ذلك فقوله ضعيف (٢).

وقصة المفوَّضة معلومة ومَرَّت معنا، حيث بيَّنا فيها أنَّ المفوَّضة - والأشهر المفوِّضة - على نوعين:

- تفويض بُضع، وهذا لا يُذكر فيه الصداق أصلًا.

- وتفويض المَهر، وهو الذي لا يُذكر فيه الصداق، لكنه لا يُحدَّد (٣).

فيجوز هنا أن يكون نكاحٌ دون ذِكر الصداق، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد زوَّج امرأة برجلٍ ولم يَذكر صداقًا (٤).


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٢٢٣)، وفيه قال: "ولنا: أنه نكاح لو كان عوضه صحيحًا كان صحيحًا، فوجب أن يكون صحيحًا وإن كان عوضه فاسدًا؛ كما لو كان مغصوبًا أو مجهولًا، ولأنه عَقد لا يفسد بجهالة العوض، فلا يفسد بتحريمه؛ كالخلع، ولأن فساد العوض لا يزيد على عدمه، ولو عدم كان العقد صحيحًا، فكذلك إذا فسد، وما حكي عن مالكٍ لا يصح؛ فإن ما كان فاسدًا قبل الدخول، فهو بعده فاسد؛ كنكاح ذوات المحارم، فأمَّا إذا فسد الصداق لجهالته أو عدمه، أو العجز عن تسليمه، فإن النكاح ثابت، لا نعلم فيه خلافًا".
(٢) سبقت هذه المسائل.
(٣) سبق.
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>