للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأمر قد جاء في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثبت - أيضًا - أنه زوَّج أخرى بِنَعْلَيْن، وقال: "أَتَرْضَين من نفسكِ ومالكِ بنعلين؟ ". ما قيمة النعلين؛ وقالت: "نَعَمْ"، فأجاز - صلى الله عليه وسلم - ذلك (١).

(قَالَ: يَمْضِي النِّكَاح، وَيُصَحَّحُ بِصَدَاقِ المِثْلِ (٢)).

لِمَا تقَرَّر عندنا أن هناك عقدًا ومهرًا؛ ويصح العقد ما لم يحصل فيه أيُّ خلل، وأن الخلل إنما حصل في المهر، فقلنا بفساده .. فعلى هذا يمكن تصحيحه، وذلك بالقاعدة الثابتة التي التقى حولها العلماء بأنه إمَّا أن يُرجع إلى القيمة أو إلى مهر المِثل، وحينئذٍ يُرجع إلى القيمة، وهي مَهر المثل، ويرتفع الإشكال، ويُبعَد المحوَّم، فيكون العقد صحيحًا بحمد الله، وما قُدِّم إنما هو صحيحٌ أيضًا.

(وَالفَرْقُ بَيْنَ الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ ضَعِيفٌ).

أي: أنَّ الفرق بين الدخول وقبله ضعيف، لأن التفرقة تحتاج إلى دليل، وقد حَلَّ هنا ولم يَحل؛ لارتباطه بالعقد، فهو يُفسده قبل الدخول وبعده، فلماذا فرَّقوا بينهما؟ إلا أن يكون تفريقٌ بلا مفرِّق ولا دليل، فينبغي أن يُرَدَّ ذلك القول.

وهذا من إنصاف المؤلف رحمه الله حيث إنه لم يتعصب لمذهبه، بل يرد عليه.

(وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ مَالِكٍ: أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الصَّدَاقِ المُحَرَّمِ العَيْنِ، وَبَيْنَ المُحَرَّمِ لِصِفَةٍ فِيهِ، قِيَاسًا عَلَى البَيْعِ) (٣).


(١) أخرج الترمذي (١١١٣)، عن عاصم بن عبيد الله، قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه: "أن امرأة من بني فزارة تَزَوَّجت على نَعلين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَضِيتِ مِن نفسك ومالكِ بنعلين؟! ". قالت: نَعم، قال: فأجازه"، وضعفه الألباني في: "إرواء الغليل" (١٩٢٦).
(٢) وهو مذهب الجمهور، كما سبق.
(٣) كتفريقهم بين النكاح الذي الصَّداق فيه محرم، والنكاح الذي فيه جهالة المَهر، وهو ما يُعرف بنكاح التفويض؛ فمنعوه في الأول، وأجازوه في الثاني، كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>