للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأسس المهمة لكل فقيهٍ يَدرس مذهبًا مِن المذَاهب أن يعرف أصول ذلك المذهب، ونجد أن المذاهب الأربعة تلتقي في أصولها الكبرى، فهي تلتقي عند الأخذ بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والإجماع، والقياس - وإن اختلفوا فيما يتعلق بالرأي بسطًا وتقليلًا، لكنهم يختلفون - مثلًا - في المصالح المرسلة، وفي قول الصحابي (١).

إذًا، كل مذهبٍ من المذاهب قد ينفرد بأصلٍ من الأصول، فينبغي على الفقيه والأصولي عند دراسة مذهبٍ من المذاهب أن يعرف أُصوله؛ كي يُطل عليه ويكون عنده مدخل يسير في ضوئه؛ لأن الأصول تُقرِّب فهم المذهب وأصول فقهائه وفروعه، وتجعل الدارس يقف على خفايا وأسرار هذا المذهب، أما لو دخل مذهبًا من غير طريق معروف، ومن غير أبوابه وأصوله ونحو ذلك مما ذكرنا؛ فإنه سيَتِيه في مسائله ولا يستطيع ضبطها.

إذًا، المؤلف هنا لم يَعرف رأي المالكية في المسألة، لكن لأنه عرف أصولهم، فقال: إن أصول المذهب تقتضي التفرقة بين أن يكون المهر محرَّمًا لعينه، وبين أن يكون مجهولًا، أو أن يكون - أيضًا - غير مقدورٍ على تسليمه، أو أن يُعدم - أيضًا - قبل تسليمه. وهذا الذي قاله المؤلف هو الصحيح، وهذه المسألة - فيما - أعلم موضع اتفاق بين الأئمة الأربعة (٢).


(١) سبق تحرير هذه المسائل.
(٢) أي: التفرقة بين المَهر المحرم، والذي يطرأ عليه شيء من جهالة ونحوها.
لكن الجمهور أجازوه؛ باعتبار: أنَّ فساد المهر عندهم لا يُوجب فَساد العقد، أمَّا المالكية قالوا بفساده، كما أنَّهم قاسوه على نكاح الشِّغار، كما سبق.
قال الماوردي: "إذا عقد النكاح بمهر مَجهول أو حرام - كان النكاح جائزًا، ولها مهر مثلها، وهو قول جمهور العلماء.
وقال مالك في أشهر الروايتين عنه: "إنَّ النكاح باطل بالمهر الفاسد، وإن صَحَّ بغير مهر مُسمى؛ استدلالًا بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نِكاح الشغار؛ لفساد المهر فيه". قال: "ولأنه عقد نكاح بمهر فاسد، فوجب أن يكون باطلًا؛ كالشغار، ولأنه عَقد معاوضة ببدل فاسد، فوجب أن يكون باطلًا؛ كالبيع". =

<<  <  ج: ص:  >  >>