للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا، هناك فرق بين الجهالة وبين ما هو مُحَرَّمٌ لعينه؛ ففيما يتعلق بالجهالة لم يَقل أحدٌ بأن العقد يَفسد (١)، لكن عند المالكية قالوا بفساد العقد (٢).

فأصول مذهب مالك - بل وفروعه - تلتقي مع الأئمة الثلاثة الآخرين في أن العقد هنا لا يَفسد، وبذلك يكون هناك فرق في المذهب المالكي بين مسألة أن يكون المهر محرَّمًا لعينه وبين أن يكون مجهولًا؛ فهم في الجهالة يَنضمون إلى بقية الأئمة، فيوافقونه، فيكون الأئمة الأربعة قد التقوْا في هذه المسألة، لكن هذا - أيضًا - يتطلب أنه عند الجهالة يُرجع إلى مَهر المثل، لكن قصدي أن المالكية لا يُبطلون العقد بهذه الصورة، فلننتبه، فهذه أوردها المؤلف دون أن يبيِّنها، وهي مِن القضايا التي ينبغي - أيضا - أن يكون دارس هذا الكتاب أو مَن يُدَرِّسه ملاحظًا لها، كذلك الإيماءات والإشارات التي ينبِّه إليها المؤلف، وهو قد أعطانا إشارة، لكنها إشارةٌ صحيحة، وهو لم يَستمدها من فرعٍ وجَدَه في المذهب، لكنه أخذها من أصول المذهب، فجاءت صحيحة؛ لأنها تلتقي مع أصول المذهب، وهي - أيضًا - فرعٌ من فروعه وَافَقَ فيها المالكية غيرهم.

(وَلَسْتُ أَذْكُرُ الآنَ فِيهِ نَصًّا).

ولكنني بيَّنتُ لكم أن هذا هو مذهب المالكية فيما أعلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(المسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَاخْتَلَفُوا إِذَا اقْتَرَنَ بِالمَهْرِ بَيْعٌ؛ مِثْلَ أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْهِ عَبْدًا، وَيَدْفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَنِ الصَّدَاقِ).


= ودليلنا: أنَّ فساد المهر لا يُوجب فساد العقد، كالمهر المغصوب، ولأن كل نكاح صَحَّ بالمهر الصحيح صَحَّ بالمهر الفاسد، كما لو أصدقها عبدً أ فبان حرًّا". انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٣٩٤).
(١) سبقت هذه المسألة فيما يُعرف بنكاح التفويض.
(٢) مع أنهم قالوا بصحة نكاح التفويض، كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>