منذ أن وضعنا أيدينا على كتاب النكاح بالشَّرح نجد أنَّ
المؤلف رحمه الله أحيانًا يسير مع البيع بجواره كفرسي رِهان، فلا تكاد تمر مسألة إلا ويذكر فيها البيع؛ لوجود رابط بينهما، وليس ذلك غريبًا؛ لأن البيع عقدٌ، وكذلك النكاح؛ ولذلك فإن بعض العلماء يُقسِّمون الفقه إلى (عبادات ومعاملات)، ويعتبرون النكاح من المعاملات، وهذا صحيح، ولكنهم عند التفصيل المجزَّأ يجعلون النكاح من أحكام الأسرة قسمًا مستقلًّا، لكن ليس معنى ذلك أن نباعد بينها على أنها ليست عقدًا، ولكنهم يجعلونها قسمًا مستقلًّا؛ لأن أكثر أحكامها تخصُّها، ولا يُوافقها غيرها من الأحكام. إذًا هذا هو السبب.
وأحيانًا يجتمع في العقد صداقٌ وبيعٌ، كأن يقول - مثلًا - ولي المرأة (أبوها): "زوَّجتك ابنتي، وبِعتك عبدي بألف درهمٍ"، هنا جُمع في العقد بين أمرين:(المهر، وثَمن العبد) بيعًا، فالتقَى عقدان في عقدٍ واحد، وقد يُبدلون العبد، فيقال:"أو بِعتك داري بألف درهم"، وربما يقال:"زوَّجتك ابنتي، واشتريت - أيضًا - دارك بخمسمائة درهم".
فالمقصود: هل يصح أن يجتمع مع المهر شيءٌ آخر وهو البيع؛ هذا هو مراد المؤلف، وهذا في حالة عدم تسمية المهر، أما لو قال:"زوَّجتك ابنتي وبعتك داري بألف درهم: خمسمائةٍ عن المهر وخمسمائة عن الدار"، فلا إشكَال هنا، ولا نحتاج إلى أن نبحث، لأن المبلغ قُسِّم وحُدِّد، فعرفنا ما يخص المَهْر وما يخص المبيع، فلا إشكال.
لكن يأتي الإشكال إذا أُبهم، ونحن نجد هنا أن جمهور العلماء يُجيزون ذلك أيضًا.
(وَعَنْ ثَمَنِ العَبْدِ).
أي: يُعطيها ألفًا عن صداقه، وهي - أيضًا - تُعطيه عبدًا، لكن في هذه الحالة لم يُحَدَّد المهر.