للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَدَّدوا ذلك اجتهادًا؛ فلم يجدوا، فقَاسُوه على القَدْرِ - أي: النِّصاب الذي تُقطع به يد السارق - "لا قَطْعَ إلَّا في رُبع دينارٍ فصاعدًا" (١)، وربع الدينار يُساوي ثلاثة دراهم.

إذًا هذا هو الملحظ الذي أخذ به هذا الإمام المالكي، وإن كان المالكية لا يتفقون حوله.

(وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، فَمَرَّةً قَالَ: "ذَلِكَ جَائِزٌ"، وَمَرَّةً قَالَ: "فِيهِ مَهْرُ المِثْلِ" (٢). وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ النِّكَاحُ فِي ذَلِكَ شَبِيهٌ بِالبَيْعِ، أَمْ لَيْسَ بِشَبِيهٍ؟ فَمَنْ شَبَّهَهُ فِي ذَلِكَ بِالبَيْعِ مَنَعَهُ (٣)، وَمَنْ جَوَّزَ فِي النِّكَاحِ مِنَ الجَهْلِ مَا لَا يَجُوزُ فِي البَيْعِ - قَالَ: يَجُوزُ).


= وهب، لا يجوز عندهم أن يكون صداق أقل من ربع دينار أو ثلاثة دراهم؛ كيلًا من الوَرِق، أو قيمة ذلك من العروض التي يَجوز ملكها". انظر: "الاستذكار" (٥/ ٤١٥).
(١) أخرجه مسلم (٢/ ٦٨٤١)، عن عائشة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُقطع يدُ السارق إلا في رُبع دينار فصاعدًا"، وأخرجه البخاري (٦٧٨٩)، بلفظ: "تُقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا".
(٢) انظر: "التهذيب" للبغوي (٥/ ٤٩٩)، وفيه قال: "إذا جمع بين البيع والنكاح، بأن قال: زَوَّجتك ابنتي هذه، وبعتك هذا العبد بألف، فقال: تَزَوَّجتها واشتريت العبد، أو قال: قَبِلت النِّكاح والبيعَ - فالنكاح صحيحٌ، وفي البيع قولان. أحدهما: باطلٌ، لِما بينه وبين النكاح من اختلاف الأحكام. والثاني: صحيح، لأن العقد على كل واحدٍ على الانفراد جائز، فيجوز الجمعُ؛ كما لو باع عَبْدَيْن. فإن قلنا: البيع باطلٌ، فالمسمى فاسدٌ، ويجب للمرأة مِهر المثل. وإن قلنا: البيع صحيحٌ، فتُوزع الألف على مِهر المثل وقيمة العبد، ويُصور فيما إذا كان مهر المثل وقيمة العبد سواء".
ومشهور المذهب على صحة المهر والبيع. انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٣٧٥)، وفيه قال: " (ولو قال) شخص: (زَوَّجتُك بنتي) فلانة (وبِعتك ثوبَها) هذا مثلًا، وهو ولي مالها، أو أَذِنت له (بهذا العبد - صَحَّ النكاح) جزمًا، وفيه وجه شاذ بعدم الصحة، (وكذا المهر والبيع في الأظهر) ".
(٣) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٣/ ٥٠٥)، وفيه قال: "قال مالك: النِّكاح أشبه شيء بالبيوع، فأيُّ فرق بين أن يجمع بين بيع وإجارة، أو بين بيع ونكاح، وهو شُبهه إلا من جهة الرَّجُلين يجمعان سلعتهما، وإذا كانتا لرجل واحد جاز، والعاقد هنا واحد، وهو الوليُّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>