للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معلوم أن في النكاح تخفيفًا، يختلف عن البيع في هذا المقام، فعندما نأتي لأمرٍ لم يُقسَّط، لكنه ذُكِر أنه عن البيع فأقل ما يكون أنه يصلح، فهو عند الشافعية والحنابلة أقل ما يكون، وأقل ما يُسمى مالًا إنَّما يصلح أن يكون مهرًا.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(المسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً، وَاشْتُرِطَ عَلَيْهِ فِي صَدَاقِهَا حِبَاءٌ يُحَابِي بِهِ الأَبَ).

الحِباء بكسر الحاء: العَطاء (١)، وبعض العلماء يُقَيِّده للأب وحده، فلا يدخل الجَد، وإنَّما يختص بالأب القريب.

واختلف في ذلك العلماء؛ فمنهم من قال: يجوز أن يُزوِّج الأب ابنته، وبعضهم قال أيضا: الوليُّ يجوز أن يُزوِّج ابنته ويشترط لنفسه حِباءً، أي: عطاءً يختص به دون عِوض، بل يجوز أن يشترط لنفسه أن يُعطى شيئًا، فكأنه حابَى نفسه، أي: طلب لها أمرًا من الأمور (٢).

وبعض العلماء قال: لا يجوز (٣)؛ لأن هذا أمرٌ يَخص الزوجة، فلا يجوز أن يُشترط شيءٌ من ذلك، لأنه ظلمٌ لها، ولو حصل شيءٌ من ذلك فينبغي أن يُرجع إلى مهر المثل، لأنه بالرجوع إلى مهر المثل تحقيقٌ للعدالة، ورفعٌ للظلم، لأن الأب إذا أخذ من مهر ابنته اشتُرط شيءٌ له ولها، فهذا أمرٌ سيضرها وسينقصها، وبهذا تكون قد تضررت، وربما يدفع الزوج الألفين - مثلًا - للزوجة، فإذا اشترط الأب لنفسه ألفًا قام الزوج بدل أن يدفع الضعف دفع نصفه، كذا قالوا.

وعند التأمُّل نَجِد أن التابعي مسروقًا رحمه الله وهو حُجة للقائلين


(١) المحاباة في البيع معروفة، وهي من الحباء: العطاء. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (ص: ١٠٢).
(٢) وهم الأحناف والحنابلة كما ستأتي.
(٣) وهم الشافعية كما ستأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>