للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجواز - زوَّج ابنته، واشترط لنفسه عشرة آلاف درهم، ولكنه لم يأخذها ليقتات منها، أو يتنعَّم بها، بل لينفقها في الحج وعلى المساكين وسائر أوجه البر، ثم قال للرجل: "جهِّز امرأتك"، وقد صحَّ هذا عنه؛ ولذلك يحتجون به (١).

وهناك فريقٌ آخرُ مِن العلماء قال: لا يجوز ذلك؛ لأن المهر ينبغي أن يكون للمرأة خالصًا، لأنه حقها، ولا يجوز أن يُشركها غيرها فيه؛ لا أبٌ ولا غيره، وبعضهم خصَّ ذلك بالأب (٢)؛ فقالوا: إنَّ له من الحقوق ما ليس لغيره، واستدلوا بقول الوسول - صلى الله عليه وسلم -: "أنتَ ومالُكَ لأبيكَ"، أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٣)؛ فما دام المرء وماله لأبيه فله أن يشترط ما شاء.

وفي الحديث الآخر: "إنَّ أطيبَ ما أكَل الرَّجُلُ مِن كَسْبِه، وإنَّ ولَدَه مِن كَسْبِه"، أخرجه النسائي (٤).

وفي قصة شعيب - عليه السلام - مع موسى عليه السلام: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص: ٢٧]، إذًا، هو آجرَهُ على رعاية الغنَم مدة ثمانية أعوام مقابل أن يزوِّجه ابنته، قالوا: فهنا شعيبٌ أخذ الكل لنفسه، ولم يَرد ذكرٌ للبنت (٥).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٩/ ١٥٩)، عن شريك، عن أبي إسحاق: "أن مسروقًا زَوَّج ابنتَه، فاشترط على زوجها عشرة آلاف سوى المهر".
(٢) هم الحنابلة خَصُّوه بالأب، ومنعوا ذلك لغيره من أقارب الزوجة. انظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٢)، وفيه قال: " (كشرط ذلك) أي: الصداق أو بعضه (لغير الأب)؛ كجَدِّها وأخيها، فيبطل الشرط نصًّا، ولها المسمى جميعه؛ لصحة التسمية؛ لأن ما اشترط عوض في تَزويجها فكان صداقًا لها". وانظر: "الهداية" للكلوذاني (ص: ٤٠٣).
(٣) أخرجه ابنُ حِبَّان عن عائشة (٢/ ١٤٢)، وصححه الألباني في: "التعليقات الحسان" (٤١١).
(٤) أخرجه النسائي (٤٤٥١)، عن عائشة، وكذا أخرجه أبو داود (٣٥٢٨)، وصححه الألباني في: "إرواء الغليل" (١٦٢٦).
(٥) وهذا من أدلة الحنابلة على الجواز. انظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>