للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أيضًا - لهم أدلة، منها قصة شعيب عليه السلام، فإنه في هذا الأمر اشترط على موسى - عليه السلام - أن يقوم برعاية غنمه، ولم يَذكر شعيبٌ شيئًا لبنته، ولم يُذكر أن الغنم هذه للبنت، وإنما الظاهر أنها لشعيب.

الأمر الآخر حديث: "أنتَ ومالُكَ لأبيكَ" (١)، وحديث: "إنَّ أطيَبَ ما أكَل الرَّجُلُ مِن كَسْبِه، وإنَّ ولَدَه مِن كسْبِه" (٢).

فهذه أدلة عامة، ولا شَكَّ أن الأب له أن يتصرف في مال ولده، لكن - أيضًا - ينبغي أن يكون في حدود، حتى وإن أعطت الشريعةُ الأبَ أن يتصرف في مال الابن، فلا ينبغى له أن يَسلبه أمواله ويتركه عالةً يتكفَّف الناس.

وإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أوصى سعد بن أبي وقاص بألَّا يترك أولاده عالةً؛ لما ذهب إلى الرسول وأخبره بأنه صاحب مالٍ كثير، وسأله بما يصنع بماله: أَتَصَدَّق بمالي؟ قال: "لا". فقال: أتصدق بثلثيه؟ قال: "لا". قال: الثلث؟ قال: "الثلث، والثلث كثير، إنَّك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس" (٣).

أي: فقراء يقرعون باب هذا ويسألون ذاك، ويذلون أمام هذا، ولا شك أن من أفضل ما يُقَدِّمه الإنسان أن يَكفي مَن يعول، مِن أقرب الناس إليه، ثم مَن بعدهم فبعدهم.

(وَلَكِنَّهُ نَصٌّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ: "إِذَا رَوَتْهُ الثِّقَات، وَجَبَ العَمَلُ بِهِ" (٤)).


= وأحفادهم ثِقات، والأحاديث على كثرتها مُحتج بها في كتب العلماء". انظر: "المدخل إلى كتاب الإكليل" للحاكم (ص: ٤٠).
(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٤٣٢)، وفيه قال: "وحديث عمرو بن شعيب مَقبول عند جمهور أهل العلم بالحديث، يَحتجون بهذا، روى عنه الثقات، وإنَّما الواهي من حديثه ما يَرويه الضعفاءُ عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>