للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم، هذا الذي قاله المؤلف نصٌّ في قول مالك، لكن العلماء تأوَّلوا هذا كما ذكرنا، لأن في آخر الحديث ما يُؤيد - أيضًا - رأي الذين استثنوا من ذلك الأب، وقالوا: إن هذا في غير حَقِّ الأب، أما الأب فهناك أدلة تدل على أن له من الخصائص والمزايا في التصرف في مال ابنه ما ليس لغيره، حتى وإن كان جَده؛ فهم لا يَضعون الجد في مرحلة الأب القريب.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّدَاقِ يُسْتَحَقُّ، وَيُوجَدُ بِهِ عَيْبٌ).

هذه مسألةٌ: لو أن إنسانًا قدَّم مهرًا، وهذا المهر معيَّن، ثم تبين له أن هذا المهر فيه عيبٌ، فهذا العيب لا يخلو من أحد أمرين:

- إما أن يكون عيبًا ظاهرًا بينًا، إذا نظر إليه أيُّ إنسان حكم بأنه معيب.

- وقد يكون هذا العيب يسيرًا.

فهل هناك فرقٌ بين أن يكون العيب يسيرًا، وبين أن يكون كبيرًا، أو أن ذلك يشمل جميع العيوب؟

الحنفية انفردوا من بين الأئمة، فقالوا: إذا كان العيب يسيرًا فإنه مما يُتسامح فيه؛ فلو أصدقها دارًا وكان فيها شيءٌ من العيب، أو أصدقها حيوانًا وتبيّن فيه عيبٌ، كأن يسير بعرجٍ يسير، فإن ذلك - على قولهم - لا يضر، لأنه مغتَفرٌ له (١).

وغيرهم من العلماء قالوا: لا، العيب عيبٌ؛ كبر أم صغر؛ فالعيب إذا وُجد فإنه يُخل، ويُرد المهر في هذه الحالة، ويُرجع إلى القيمة (٢).


(١) يُنظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (٣/ ١٧٦)؛ حيث قال: "فإن كان العيب يسيرًا فلا ترده به وإن كان فاحشًا فلها رده هكذا أطلقه كثير".
(٢) في مذهب المالكية، يُنظر: "الذخيرة"، للقرافي (٤/ ٣٦٠)، حيث قال: "لو هلك بيد المرأة سقط وإن حدث به عيب أخذ نصفه معيبًا، وإن باعه الموهوب بنصف الثمن أو أعتقه أو وهبه عالمًا بأنه صداق فنصف قيمته يوم التصرف وإلا فلا شيء عليه "=

<<  <  ج: ص:  >  >>