يستخدم المؤلف بعض المصطلحات يجب الوقوف عندها، فقد قال:"ويتخرج" فما التخريج في الفقه؟
أحكام الفقه في الأصل إنما استمدت من كتاب الله عزَّ وجلَّ ومن سُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهذا هو الأصل، وهي مهما ابتعدت فهي ترجع إلى هذين الأصلين أو إلى مقاصده أو إلى أمر يعود إليهما، ومن الأمر الذي يعود إليهما التخريج.
فنحن نجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك لنا فقهًا، وهذا الفقه أصوله في كتاب الله عزَّ وجلَّ وفي سُنة رسول - صلى الله عليه وسلم - والرسول - صلى الله عليه وسلم - له فتاوى وهو أعظم المُفتين، وكذلك أصحابه من بعده أفتوا وكذلك التابعون، ولما جاء الأئمة الأربعة كانت لهم جهود عظيمة في خدمة هذا الفقه، وفي دراسة مسائله، بل إنهم أفنوا أعمارهم، وفرغوا أوقاتهم، وجهودهم في هذا العلم حتى نفع الله بهم البلاد والعباد، وامتد هذا النفع إلى وقتنا هذا ويمتد إلى ما بعده إن شاء الله.
فلا شك أنهم تركوا للأجيال من بعدهم ثروة عظيمة، وكنزًا كبيرًا فجزاهم الله خيرًا ورحمهم جميعًا، ولما جاء التلاميذ عُنُوا بهذه الثروة، وزادوها أيضًا، فزادوا على أقوال أئمتهم، فلما جاء مَن بعدهم أرادوا أن يعرفوا: ما الأصول؟ فقد بدأت الهمم تضعف، وبدأ الناس يركنون إلى أقوال مَن سبقوهم، فرأى هؤلاء الأعلام أن يبحثوا عن علل الأحكام، فتساءلوا: ما العلل؟ وما الأصول التي خَرَّجَ عليها الأئمة الأربعة وأمثالهم