للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ: القَوْلُ قَوْلُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالقَوْلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ) (١).

وهذا من تفريق المالكية في كثير من أحكام الصداق فيما قبل الدخول وما بعده، فالدخول قبله يؤثر في أصل العقد فيكون تفاسخًا، أما بعده فإنه يختلف الحكم أيضًا في ذلك.

* قوله: (وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ العُرْفَ بِالمَدِينَةِ كَانَ عِنْدَهُمْ أَلَّا يَدْخُلَ الزَّوْجُ حَتَّى يَدْفَعَ الصَّدَاقَ) (٢).

مُراد المؤلف هنا - وكما هو معروف في مذهب المالكية - أنهم يرون أن عمل أهل المدينة حجة، وهذا أصل من أصول المالكية (٣)، لكن المؤلف هنا عرض لمسألة مهمة؛ ولذلك في "بداية المجتهد" قد يأتي بكلمة أو بإشارة يتطلب الحديث عنها وقتًا طويلًا؛ فالمؤلف هنا أشار إلى العُوف وهو مصطلح أصولي، وعند الفقهاء يغلبون عليه العادة (٤).


(١) يُنظر: "التاج والإكليل"، لأبي عبد الله المواق (٥/ ٢٣٦)؛ حيث قال: "إذا اختلفا في قبض معجل الصداق، فإن استقرت عادة صيِّر إليها وإلا فالقول قولها إلا أن تكون مدخولًا بها فالنص أنه تقبل دعواه إلا فيما لم يحل منه".
(٢) يُنظر: "التاج والإكليل"، لأبي عبد الله المواق (٥/ ٢٣٦)؛ حيث قال: "فقال أبو إسحاق: إنما ذلك في بلد عرفه تعجيل النقد عند البناء، فأما بلد لا عرف فيه بذلك فالقول قول الزوجة".
(٣) سبق تحرير هذه المسألة في أبواب أخرى.
(٤) الذي وقفت عليه أنهم تكلموا عن علاقة العرف بالعادة فبعضه اعتبره شيئًا واحدًا، وآخرون اعتبر أن العلاقة بينهم علاقة عموم وخصوص.
يُنظر: "مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية"، لصالح الأسمري (ص ٩٣)؛ حيث قال: "العرف في الاصطلاح؛ فاختلفت فيه أقوال الفقهاء، ومنها قول بعضهم: (هو كل قول وفعل وترك اعتاد عليه الناس)، وهذا هو مقتضى صنيع ابن رجب رحمه الله في "القواعد"، وأشار إليه القرافي رحمه الله في "الأحكام". ومن ثم يبين أن هناك فرقًا بين العادة - وسبقت -، وبين العرف؛ إذ بينهما عمومٌ وخصوصٌ مطلق، ووجه خصوص العرف أنه يتعلق بما اعتاده جمهور الناس، ووجه عموم العادة: أنه يتعلق بما اعتاده الإنسان مع نفسه، وما اعتاده الجمهور من الناس، وما كان من حركات طبيعية عند جنس بني آدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>