للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعند الحنابلة يُنظر إلى الأقرب للظاهر، أي: ما يلتقي مع الواقع، فإن كان ما يدعيه الزوج، بأن تكون قيمة العبد تساوي مهر المثل أو تزيد عليه، فإنه في هذا يُقبَل قوله مع يمينه، وإن كان ما ادعته هي بأن قيمة الأمة إنما هي مساوية لمهر المثل أو دون ذلك، فإنه يقبل قولها مع يمينها (١).

لكن الحنابلة يضيفون أمرًا مهمًّا في هذا المقام فيقولون: إن كان الواقع والظاهر يشهد للزوج، فإنها تأخذ قيمة العقد ولا يعطيها العقد، حتى لا يدخل في ملكها ما لم يعترف به، أو ما أنكره، وهذا ملحوظ جيد، لكن في الناحية الأخرى لا يقولون ذلك؛ لأنه إذا كان القول قولها فقد دخل في ملكها ما ادعته.

عندما نرجع إلى قيمة المثل في هذا المقام، فالحنابلة يقولون: لا يعطيها العقد؛ لأنه هو ينكر ذلك وهي تدعي، فحتى لا يدخل في ملكها ما أنكره الزوج فإنه يدفع لها القيمة، وهذا إنما هو أسلم وأتم.

وأبو حنيفة ليس قوله ببعيد عن قول أحمد، ولكن ليس فيه تفصيل، وإنما يُرجع إلى القيمة، فيما يلتقي مع مهر المثل (٢).


(١) يُنظر: "المبدع في شرح المقنع"، لابن مفلح (٦/ ٢١٩)؛ حيث قال: " (وإن قال: تزوجتك على هذا العبد، قالت: بل على هذه الأمة خرج على الروايتين)؛ أي: إذا اختلفا في عينه أو صفته، فإن كان قيمة العبد مهر المثل أو أكثر منه، وقيمة الأمة دون ذلك؛ حلف الزوج، ولها قيمة العبد، وإن كان قيمة الأمة مهر المثل أو أقل، وقيمة العبد دون ذلك؛ فالقول قولها مع يمينها، وهل تجب الأمة أو قيمتها؟ فيه وجهان:
أحدهما: تجب عين الأمة؛ لأنه يقبل قولها في القدر، فكذا في العين.
والثاني: تجب لها قيمتها؛ لأن قولها إنما وافق الظاهر في القدر لا في العين".
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (٢/ ٣٠٧)؛ حيث قال: "وإن كان الاختلاف في جنس المسمى بأن قال الزوج: تزوجتك على عبد، فقالت: على جارية أو قال الزوج: تزوجتك على كر شعير، فقالت: على كر حنطة أو على ثياب هروية أو قال: على ألف درهم. وقالت: على مائة دينار، أو في نوعه كالتركي مع الرومي، والدنانير المصرية مع الصورية أو في صفته من الجودة والرداءة، فالاختلاف فيه كالاختلاف في العينين إلا الدراهم والدنانير؛ فإن الاختلاف فيهما كالاختلاف في الألف والألفين".

<<  <  ج: ص:  >  >>