للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: قوله سبحانه وتعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}، هل وصف الحجر مُراد؟ بمعنى أنها لو لم تكن في حجره، فإنها لا تدخل في ذلك (١)؟

هذه مسألة فيها خلاف بين العلماء، لكن الخلاف فيها ضعيف، والصحيح: أن هذا وصف كاشف يعرفه الذين درسوا علم النحو، هذا يُسمَّى بالوصف الكاشف، وليس شرطًا؛ أي: ليس مقيدًا للآية؛ لكنه جاء


(١) مذهب الحنفية والشافعية أنه قيد غير احترازي لا يتعلق به الحكم أو خرج مخرج الغالب، أما المالكية والحنابلة يرون أنه خرج مخرج الغالب، وخالف في ذلك الظاهرية واعتبروه قيدًا احترازيًا مرادًا بالحكم.
في مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (٣/ ١٠٠)، حيث قال: "وذكر الحجر في الآية خرج مخرج العادة أو ذكر للتشنيع عليهم لا لتعلق الحكم به نحو أضعافًا مضاعفة في قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} ".
وفي مذهب الشافعية، ينظر: "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع"، للشربيني (٢/ ٤١٨) "حيث قال: " (والربيبة إذا دخل بالأم) بعقد صحيح أو فاسد لإطلاق قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} وذكر الحجور خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له". وانظر: "بحر المذهب"، للروياني (٩/ ٢٠٥).
وفي مذهب المالكية يُنظر: "حاشية العدوي" (٢/ ٥٧)؛ حيث قال: "وقوله: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] خرج مخرج الغالب لا مفهوم له إجماعًا فالربيبة تحرم على من دخل بأمها، وإن لم تكن في حجره".
وفي مذهب الحنابلة، يُنظر: "دقائق أولي النهى"، للبهوتي (٢/ ٦٥٣)؛ حيث قال: "وأما قوله تعالى: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣] فقد خرج مخرج الغالب لا الشرط فلا يصح التمسك بمفهومه".
في مذهب الظاهرية، يُنظر: "المحلى بالآثار"، لابن حزم (٩/ ١٤٠)؛ حيث قال: "وأما مَن تزوج امرأة ولها ابنة أو ملكها ولها ابنة، فإن كانت الابنة في حجره ودخل بالأم مع ذلك وطئ أو لم يطأ، لكن خلا بها بالتلذذ: لم تحل له ابنتها أبدًا، فإن دخل بالأم ولم تكن الابنة في حجره، أو كانت الابنة في حجره ولم يدخل بالأم، فزواج الابنة له حلال".
قال ابن المنذر في "الإشراف" (٥/ ٩٦): "وقد أجمع كل من ذكرناه ومَن لم نذكره من علماء الأمصار على خلاف هذا القول".

<<  <  ج: ص:  >  >>