للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبلة بذنب ما لم يستَحِلّه" (١).

فلننتبه لمثل هذه الأمور؛ الذي يُحل ويُحرم إنما هو الله سبحانه وتعالى وليس للمسلم أن يحكم على أحد بالكفر دون أن يكون عندك دليل بيِّن قاطع، أما أن يحكم الإنسان برأيه، فإذا وجد معصيةً من مسلم سارع وكفَّر؛ أو وجد تقصيرًا أو معصية من وليٍّ من أولياء المسلمين، أو حاكم من حكام، هذا أمر لا يجوز، ولا لأحد أن يُكفر أحدًا من المسلمين؛ وفرق بين العاصي والكافر، شتان بينهما.

ولذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "صلوا خلف من قال لا إله إلا الله، وعلى من قال لا إله إلا الله" (٢).

وقال: "الصلاة واجبة عليكم خلف كل إمام، برًّا كان أو فاجرًا" (٣).

وأمر - عليه الصلاة والسلام - بطاعة ولي الأمر حتى وإن ضرب ظهرك، وإن أخذ مالك (٤).

ولا يأخذنا الحماس أو الاندفاع، أو مثلًا محبتنا للدين، وحرصنا على أن يكون الناس جميعًا على استقامة وعلى هدى؛ فالمعاصي حصلت في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أليس ماعِزًا قد زنى، وجاء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطلب منه أن يُطهره، وأعرض عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم أخذ يفتح له الأبواب، ويلقنه الحُجج: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، لعلك غَمَزْتَ، لعلك لمست؟ " فيقول: لا، .. إلى


(١) يُنظر: "شرح الطحاوية" ط الأوقاف السعودية لابن أبي العز الحنفي (ص ٢٩٦)؛ حيث قال: "قوله: (ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب، ما لم يستحله، ولا نقول لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله) ".
(٢) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٢/ ٤٠٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٥٢٧).
(٣) أخرجه أبو داود (٥٩٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وضعفه الألبانى في "إرواء الغليل" (٥٢٧).
(٤) أخرجه مسلم (١٨٤٧) من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>