للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن قال: "كما يُدخل الرشا في البئر، والمرود في المُكْحُلة" … إلى أن قال: "أَنِكْتَهَا؟ " لَا يَكْنِي، صرح له بكل شيء، قال: نعم.

فأدرك الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل جاء يريد التطهير؛ فأقام عليه الحد؛ ولما أنكر عليه بعض المنكرين لما فَرَّ، أو حاول أن يَفر، أُلقي عليه الكلمة، فأنكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين أنه "قَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ على أهل المدينة لكفتهم" (١).

وكذلك قصة الغامدية (٢)، وكيف جاءت.

فالنفس ضعيفة قد يحصل منها، لكن من يتوب إلى الله سبحانه وتعالى فإن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة.

ومن أخطر الأمور أن يتسرع طالب العلم، أو الذي لا يزال في بداية طلب العلم، فيحكم على الآخرين بأنهم متساهلون، يجب النظر في سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعرفة كيف كان يُعامل العُصاة؟

رجل يتكلم في الصلاة، فيسكته الصحابة، وبعد ذلك يواصل كلامه، ثم يضربون بأيديهم على أفخاذهم يريدون أن يصمتونه، قال: لكنني سَكَت، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي وأمي، ما رأيت معلمًا أحسن منه فما كهرني ولا ضربني ولا شتمني؛ ثم قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" (٣).

وفي قصة الشاب الذي جاء في عُنفوان شبابه، وهو يقول للرسول - صلى الله عليه وسلم - بمحضر الصحابة: ائذن لي بالزنا! فيقوم أحد الصحابة ليؤدبه، فيقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "دعه"، عالج الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك الداء والمرض الذي نفذ إلى قلبه، قال له: "أترضى ذلك لأمك؟ " قال: لا؛ قال: "أترضاه


(١) أخرجه البخاري (٦٨٢٤)، ومسلم (١٦٩٣) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) أخرجه مسلم (١٦٩٥) من حديث بريدة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه مسلم (٥٣٧) من حديث معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>