للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا الإملاجة ولا الإملاجتان، ولا الوضعة ولا الرضعتان" (١). إذًا بقي أن نأتي إلى ما بعد ذلك فنقول: بالثلاث.

والذين قالوا: خمس رضعات قالوا: لقد بيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنها لا تُحرِّم المصة ولا المصتان، ولا الإملاجة ولا الإملاجتان، والاحتجاج بأن الثلاثة إنما يثبت بها الحُرمة عن طريق مفهوم المخالفة، وهو ما يُعرف بدليل الخطاب (٢)، والاحتجاج بهذا ضعيف، وهو مردودٌ عند عددٍ من العلماء؛ فكيف نترك نصًّا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونأخذ بمفهوم المخالفة؟ الجواب: أن حديث: "لا تُحرِّم المصة ولا المصتين، ولا الإملاجة ولا الإملاجتان" (٣) ليس نصًّا في أن ما فوق الاثنتين يُحرِّم وهو الثلاث، وإنما فيه بيانٌ أن المصَّةَ والمصّتينِ لا تُحرِّمان فقط.

ننتقل بعدُ إلى أحاديثِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي حددت ذلك، وهي حديث عائشة: "كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات يُحرِّمن، ثم نُسخنَ بخمس، وتُوفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن مما يُتلى" (٤). إذًا حكمهن باقٍ، والذين حاولوا أن يضعِّفوا هذا القول قالوا: إن هذا لم يأتِ عن طريق الخبر، وإنما جاء عن طريق أنه قرآنٌ يُتلى، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر، لكننا نقول: قد صحّ ذلك في حديثٍ صحيح، بل جاء أيضًا في حديث سالم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "أرضعي سالمًا تحرمي عليه" (٥).

بقيت قضية هنا ينبغي أن ننبِّه إليها، وهي كيف تُرضع رجلًا كبيرًا؟


(١) أخرجه مسلم (١٤٥١/ ٢٠) عن أم الفضل، حدثت، أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحرم الرضعة أو الرضعتان، أو المصَّة أو المصتان".
(٢) يُنظر: "الإحكام" للآمدي (٣/ ٦٩) حيث قال: "مفهوم المخالفة فهو ما يكون مدلول اللفظ في محلِّ السكوت مخالفًا لمدلوله في محل النطق، ويسمى دليل الخطاب أيضًا".
(٣) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٥/ ١٩٨) وغيره، وصححه الألباني في التعليقات الحسان (٤٢١٢).
(٤) لم أقف على هذه الرواية.
(٥) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>